للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبْوَابُ الدَّفْنِ وَأَحْكَامُ الْقُبُورِ بَابُ تَعْمِيقِ الْقَبْرِ وَاخْتِيَارِ اللَّحْدِ عَلَى الشَّقِّ

١٤٦١ - (عَنْ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ قَالَ: «خَرَجْنَا فِي جِنَازَةٍ فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى حَفِيرَةِ الْقَبْرِ فَجَعَلَ يُوصِي الْحَافِرَ وَيَقُولُ: أَوْسِعْ مِنْ قِبَلِ الرَّأْسِ، وَأَوْسِعْ مِنْ قِبَلِ الرِّجْلَيْنِ رُبَّ عِذْقٍ لَهُ فِي الْجَنَّةِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد) .

١٤٦٢ - (وَعَنْ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: «شَكَوْنَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ أُحُدٍ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ الْحَفْرُ عَلَيْنَا لِكُلِّ إنْسَانٍ شَدِيدٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: احْفِرُوا وَأَعْمِقُوا وَأَحْسِنُوا وَادْفِنُوا الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ، فَقَالُوا: فَمَنْ نُقَدِّمُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: قَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا، وَكَانَ أَبِي ثَالِثَ ثَلَاثَةٍ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ» رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيُّ بِنَحْوِهِ وَصَحَّحَهُ) .

ــ

[نيل الأوطار]

مِنْ أَنَّ فِعْلَهُ لَا يَنْسَخُ الْقَوْلَ الْخَاصَّ بِالْأُمَّةِ

وَأَمَّا حَدِيثُهُ بِاللَّفْظِ الَّذِي ذَكَرَهُ هُنَا فَإِنْ صَحَّ صَلُحَ النَّسْخُ لِقَوْلِهِ فِيهِ: " وَأَمَرَنَا بِالْجُلُوسِ " وَلَكِنَّهُ لَمْ يُخْرِجْ هَذِهِ الزِّيَادَةَ مُسْلِمٌ وَلَا التِّرْمِذِيُّ وَلَا أَبُو دَاوُد بَلْ اقْتَصَرُوا عَلَى قَوْلِهِ: " ثُمَّ قَعَدَ ". وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَكَذَلِكَ أَيْضًا لَا يَدُلُّ عَلَى النَّسْخِ لِمَا عَرَفْتَ. وَأَمَّا حَدِيثُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فَهُوَ صَرِيحٌ فِي النَّسْخِ لَوْلَا ضَعْفُ إسْنَادِهِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَنَدَ فِي نَسْخِ تِلْكَ السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ بِالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ مِنْ طَرِيقِ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ إلَى مِثْلِهِ، بَلْ الْمُتَحَتَّمُ الْأَخْذُ بِهَا، وَاعْتِقَادُ مَشْرُوعِيَّتِهَا حَتَّى يَصِحَّ نَاسِخٌ صَحِيحٌ وَلَا يَكُونُ إلَّا بِأَمْرٍ بِالْجُلُوسِ أَوْ نَهْيٍ عَنْ الْقِيَامِ أَوْ إخْبَارٍ مِنْ الشَّارِعِ بِأَنَّ تِلْكَ السُّنَّةَ مَنْسُوخَةٌ بِكَذَا، وَاقْتِصَارُ جُمْهُورِ الْمُخَرِّجِينَ لِحَدِيثِ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَحِفَاظُهُمْ عَلَى مُجَرَّدِ الْقُعُودِ بِدُونِ ذِكْرِ زِيَادَةِ الْأَمْرِ بِالْجُلُوسِ مِمَّا يُوجِبُ عَدَمَ الِاطْمِئْنَانِ إلَيْهَا وَالتَّمَسُّكِ بِهَا فِي النَّسْخِ لِمَا هُوَ مِنْ الصِّحَّةِ فِي الْغَايَةِ، لَا سِيَّمَا بَعْدَ أَنْ شَدَّ مِنْ عَضُدِهَا عَمَلُ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ بِهَا يَبْعُدُ كُلَّ الْبُعْدِ أَنْ يَخْفَى عَلَى مِثْلِهِمْ النَّاسِخُ وَوُقُوعُ ذَلِكَ مِنْهُمْ بَعْدَ عَصْرِ النُّبُوَّةِ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْأَمْرَ بِالْجُلُوسِ لَا يُعَارَضُ بِفِعْلِ بَعْضِ الصَّحَابَةِ بَعْدَ أَيَّامِ النُّبُوَّةِ؛ لِأَنَّ مَنْ عَلِمَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَعْلَمْ. وَحَدِيثُ عُبَادَةَ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا فَهُوَ لَا يَقْصُرُ عَنْ كَوْنِهِ شَاهِدًا لِحَدِيثِ الْأَمْرِ بِالْجُلُوسِ.

[أَبْوَابُ الدَّفْنِ وَأَحْكَامُ الْقُبُورِ]

[بَابُ تَعْمِيقِ الْقَبْرِ وَاخْتِيَارِ اللَّحْدِ عَلَى الشَّقِّ]

الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الْبَيْهَقِيُّ. قَالَ الْحَافِظُ: إسْنَادُهُ صَحِيحٌ. وَالْحَدِيثُ الثَّانِي

<<  <  ج: ص:  >  >>