للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣١٣٥ - (عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى أَمَةٍ سَوْدَاءَ زَنَتْ لِأَجْلِدَهَا الْحَدَّ، قَالَ: فَوَجَدْتهَا فِي دَمِهَا، فَأَتَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَأَخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ لِي: إذَا تَعَالَتْ مِنْ نِفَاسِهَا فَاجْلِدْهَا خَمْسِينَ» . رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي الْمُسْنَدِ) .

٣١٣٦ - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيِّ قَالَ: أَمَرَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي فِتْيَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَجَلَدْنَا وَلَائِدَ مِنْ وَلَائِدِ الْإِمَارَةِ خَمْسِينَ خَمْسِينَ فِي الزِّنَا. رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ) .

بَابُ السَّيِّدِ يُقِيمُ الْحَدَّ عَلَى رَقِيقِهِ

ــ

[نيل الأوطار]

يَكُونُ شُبْهَةً؟ قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَتْ لَمْ تُحِلَّهَا لَك رَجَمْتُك زَادَ أَبُو دَاوُد فَوَجَدُوهُ أَحَلَّتْهَا لَهُ فَجَلَدَهُ مِائَةً)

[بَابُ حَدِّ زِنَا الرَّقِيقِ خَمْسُونَ جَلْدَةً]

حَدِيثُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي بَابِ تَأْخِيرِ الرَّجْمِ عَنْ الْحُبْلَى، وَسَيَأْتِي أَيْضًا فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا. وَأَثَرُ عُمَرَ مُؤَيِّدٌ لِحَدِيثِ الْبَابِ لِوُقُوعِ ذَلِكَ مِنْهُ بِمَحْضَرِ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ. وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ " أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَتْ تَجْلِدُ وَلِيدَتَهَا إذَا زَنَتْ خَمْسِينَ ". وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ عُمُومُ قَوْله تَعَالَى: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: ٢٥] وَلَا قَائِلَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ، كَمَا حَكَى ذَلِكَ صَاحِبُ الْبَحْرِ.

وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا حَدَّ عَلَى مَمْلُوكٍ حَتَّى يَتَزَوَّجَ تَمَسُّكًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِذَا أُحْصِنَّ} [النساء: ٢٥] فَإِنَّهُ تَعَالَى عَلَّقَ حَدَّ الْإِمَاءِ بِالْإِحْصَانِ. وَأَجَابَ عَنْهُ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ لَفْظَ الْإِحْصَانِ مُحْتَمِلٌ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى أَسْلَمْنَ وَبَلَغْنَ وَتَزَوَّجْنَ، قَالَ: وَلَوْ سُلِّمَ فَخِلَافُ ابْنِ عَبَّاسٍ مَنْقُوضٌ، وَالْأَوْلَى الْجَوَابُ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْآتِي فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا، فَإِنَّ فِيهِ «أَنَّهُ سُئِلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْأَمَةِ إذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصَنْ، فَقَالَ: إنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا» وَهَذَا نَصٌّ فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ.

وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - خَطَبَ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى أَرِقَّائِكُمْ مَنْ أُحْصِنَ مِنْهُمْ وَمَنْ لَمْ يُحْصَنْ.

وَقَدْ وَافَقَ ابْنَ عَبَّاسٍ طَاوُسٌ وَعَطَاءٌ وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى خِلَافِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (إذَا تَعَالَتْ مِنْ نِفَاسِهَا) بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ: أَيْ خَرَجَتْ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يُمْهَلُ مَنْ كَانَ مَرِيضًا حَتَّى يَصِحَّ مِنْ مَرَضِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي بَابِ تَأْخِيرِ الرَّجْمِ عَنْ الْحُبْلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>