بَابُ حَدِّ زِنَا الرَّقِيقِ خَمْسُونَ جَلْدَةً
ــ
[نيل الأوطار]
فِي السُّنَنِ أَنَّ أَبَا بِشْرٍ رَوَاهُ عَنْ خَالِدِ بْنِ عُرْفُطَةَ عَنْ حَبِيبٍ وَلَكِنَّ التِّرْمِذِيَّ رَوَاهُ فِي سُنَنِهِ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ حَبِيبٍ وَخَالِدِ بْنِ عُرْفُطَةَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيّ: هُوَ مَجْهُولٌ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: سَأَلْت مُحَمَّدَ بْنَ إسْمَاعِيلَ عَنْهُ فَقَالَ: أَنَا أَتَّقِي هَذَا الْحَدِيثَ.
وَقَالَ النَّسَائِيّ: أَحَادِيثُ النُّعْمَانِ هَذِهِ مُضْطَرِبَةٌ. وَقَالَ الْخَطَّابِيِّ: هَذَا الْحَدِيثُ غَيْرُ مُتَّصِلٍ وَلَيْسَ الْعَمَلُ عَلَيْهِ انْتَهَى. وَعُرْفُطَةَ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَضَمِّ الْفَاءِ وَبَعْدَهَا طَاءٌ مُهْمَلَةٌ مَفْتُوحَةٌ وَتَاءُ تَأْنِيثٍ، وَفِي الْبَابِ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ حُرَيْثٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبِّقِ عِنْدَ أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى فِي رَجُلٍ وَقَعَ عَلَى جَارِيَةِ امْرَأَتِهِ إنْ كَانَ اسْتَكْرَهَهَا فَهِيَ حُرَّةٌ وَعَلَيْهِ لِسَيِّدَتِهَا مِثْلُهَا، وَإِنْ كَانَتْ طَاوَعَتْهُ فَهِيَ لَهُ وَعَلَيْهِ لِسَيِّدَتِهَا مِثْلُهَا ". قَالَ النَّسَائِيّ: لَا تَصِحُّ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: قَبِيصَةُ بْنُ حُرَيْثٍ غَيْرُ مَعْرُوفٍ.
وَرَوَيْنَا عَنْ أَبِي دَاوُد أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: رَوَاهُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبِّقِ شَيْخٌ لَا يُعْرَفُ لَا يُحَدِّثُ عَنْهُ غَيْرُ الْحَسَنِ يَعْنِي قَبِيصَةَ بْنَ حُرَيْثٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ: قَبِيصَةُ بْنُ حُرَيْثٍ سَمِعَ سَلَمَةَ بْنَ الْمُحَبِّقِ فِي حَدِيثِهِ نَظَرٌ.
وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَا يَثْبُتُ خَبَرُ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبِّقِ. وَقَالَ الْخَطَّابِيِّ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وَقَبِيصَةُ بْنُ حُرَيْثٍ غَيْرُ مَعْرُوفٍ وَالْحُجَّةُ لَا تَقُومُ بِمِثْلِهِ، وَكَانَ الْحَسَنُ لَا يُبَالِي أَنْ يَرْوِيَ الْحَدِيثَ مِمَّنْ سَمِعَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا كَانَ قَبْلَ الْحُدُودِ.
وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبِّقِ نَحْوَ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ قَالَ: " وَإِنْ كَانَتْ طَاوَعَتْهُ فَهِيَ وَمِثْلُهَا مِنْ مَالِهِ لِسَيِّدَتِهَا "، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ الْحَسَنِ فَقِيلَ: عَنْهُ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ حُرَيْثٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبِّقِ. وَقِيلَ: عَنْهُ عَنْ سَلَمَةَ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ قَبِيصَةَ. وَقِيلَ: عَنْ جَوْنِ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ سَلَمَةَ وَجَوْنِ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: لَا يُعْرَفُ، وَالْمُحَبِّقُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبَعْدَهَا بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ مُشَدَّدَةٌ مَفْتُوحَةٌ، وَمِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ مَنْ يَكْسِرُهَا. وَالْمُحَبِّقُ لَقَبٌ وَاسْمُهُ صَخْرُ بْنُ عُبَيْدٍ وَسَلَمَةُ ابْنُهُ، لَهُ صُحْبَةٌ سَكَنَ الْبَصْرَةَ، كُنْيَتُهُ أَبُو سِنَانٍ كُنِّيَ بِابْنِهِ سِنَانٍ. وَذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَنْدَهْ أَنَّ لِابْنِهِ سِنَانٍ صُحْبَةً أَيْضًا. وَجَوْنٌ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَبَعْدَهَا نُونٌ.
وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الرَّجُلِ يَقَعُ عَلَى جَارِيَةِ امْرَأَتِهِ، فَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: رُوِيَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ وَابْنُ عُمَرَ أَنَّ عَلَيْهِ الرَّجْمُ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: لَيْسَ عَلَيْهِ حَدٌّ وَلَكِنْ يُعَزَّرُ. وَذَهَبَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ إلَى مَا رَوَاهُ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ انْتَهَى.
وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ لِأَنَّ الْحَدِيثَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ الْمَقَالُ الْمُتَقَدِّمُ فَأَقَلُّ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ شُبْهَةً يُدْرَأُ بِهَا الْحَدُّ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: مَسْأَلَةٌ: وَلَوْ أَبَاحَتْ الزَّوْجَةُ لِلزَّوْجِ وَطْءَ أَمَتِهَا أَوْ وَطْء امْرَأَةً يَسْتَحِقُّ دَمَهَا حُدَّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا، إذْ هُمَا شُبْهَةٌ. قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ انْتَهَى. وَهَذَا مَنْعٌ مُجَرَّدٌ فَإِنَّ مِثْلَ حَدِيثِ النُّعْمَانِ إذَا لَمْ يَكُنْ شُبْهَةً فَمَا الَّذِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute