للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٢٩٨ - (وَعَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَدِمْت الْمَدِينَةَ فَلَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ فَقَالَ لِي: إنَّك بِأَرْضٍ فِيهَا الرِّبَا فَاشٍ، فَإِذَا كَانَ لَكَ عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ فَأَهْدَى إلَيْكَ حِمْلَ تِبْنٍ أَوْ حِمْلَ شَعِيرٍ أَوْ حِمْلَ قَتٍّ فَلَا تَأْخُذْهُ فَإِنَّهُ رِبًا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ)

ــ

[نيل الأوطار]

[بَابُ جَوَازِ الزِّيَادَةِ عِنْدَ الْوَفَاءِ وَالنَّهْيِ عَنْهَا قَبْلَهُ]

حَدِيثُ أَنَسٍ فِي إسْنَادِهِ يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْهُنَائِيُّ وَهُوَ مَجْهُولٌ، وَفِي إسْنَادِهِ أَيْضًا عُتْبَةُ بْنُ حُمَيْدٍ الضَّبِّيُّ وَقَدْ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ، وَالرَّاوِي عَنْهُ إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ قَوْلُهُ: (سِنٌّ) أَيْ: جَمَلٌ لَهُ سِنٌّ مُعَيَّنٌ وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْمُطَالَبَةِ بِالدَّيْنِ إذَا حَلَّ أَجَلُهُ وَفِيهِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى حُسْنِ خُلُقِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَوَاضُعِهِ وَإِنْصَافِهِ وَقَدْ وَقَعَ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِ الصَّحِيحِ «أَنَّ الرَّجُلَ أَغْلَظَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهَمَّ بِهِ أَصْحَابُهُ، فَقَالَ: دَعُوهُ فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالًا» كَمَا تَقَدَّمَ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ قَرْضِ الْحَيَوَانِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ وَفِيهِ جَوَازُ رَدِّ مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْمِثْلِ الْمُقْتَرَضِ إذَا لَمْ تَقَعْ شَرْطِيَّةُ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ، وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ وَعَنْ الْمَالِكِيَّةِ إنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ بِالْعَدَدِ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ كَانَتْ بِالْوَصْفِ جَازَتْ، وَيَرُدُّ عَلَيْهِمْ حَدِيثُ جَابِرٍ الْمَذْكُورُ فِي الْبَابِ، فَإِنَّهُ صَرَّحَ بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَادَهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الزِّيَادَةَ كَانَتْ فِي الْعَدَدِ وَقَدْ ثَبَتَ فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ أَنَّ الزِّيَادَةَ كَانَتْ قِيرَاطًا

وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ مَشْرُوطَةً فِي الْعَقْدِ فَتَحْرُمُ اتِّفَاقًا، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ الزِّيَادَةِ فِي الْقَضَاءِ عَلَى مِقْدَارِ الدَّيْنِ جَوَازُ الْهَدِيَّةِ وَنَحْوِهَا قَبْلَ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الرِّشْوَةِ فَلَا تَحِلُّ كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثَا أَنَسٍ الْمَذْكُورَانِ فِي الْبَابِ وَأَثَرُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلْمٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْهَدِيَّةَ وَالْعَارِيَّةَ وَنَحْوَهُمَا إذَا كَانَتْ لِأَجْلِ التَّنْفِيسِ فِي أَجَلِ الدَّيْنِ، أَوْ لِأَجْلِ رِشْوَةِ صَاحِبِ الدَّيْنِ، أَوْ لِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ مَنْفَعَةٌ فِي مُقَابِلِ دَيْنِهِ فَذَلِكَ مُحَرَّمٌ؛ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الرِّبَا أَوْ رِشْوَةٌ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِأَجْلِ عَادَةٍ جَارِيَةٍ بَيْنَ الْمُقْرِضِ وَالْمُسْتَقْرِضِ قَبْلَ التَّدَايُنِ فَلَا بَأْسَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِغَرَضٍ أَصْلًا فَالظَّاهِرُ الْمَنْعُ لِإِطْلَاقِ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ وَأَمَّا الزِّيَادَةُ عَلَى مِقْدَارِ الدَّيْنِ عِنْدَ الْقَضَاءِ بِغَيْرِ شَرْطٍ وَلَا إضْمَارٍ فَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الزِّيَادَةِ فِي الصِّفَةِ وَالْمِقْدَارِ وَالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي رَافِعٍ وَالْعِرْبَاضِ وَجَابِرٍ، بَلْ هُوَ مُسْتَحَبٌّ

قَالَ الْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ: يُسْتَحَبُّ لِلْمُسْتَقْرِضِ أَنْ يَرُدَّ أَجْوَدَ مِمَّا أَخَذَ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فِي ذَلِكَ، يَعْنِي: قَوْلَهُ: «إنَّ خَيْرَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً» وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ حِلِّ الْقَرْضِ الَّذِي يَجُرُّ إلَى الْمُقْرِضِ نَفْعًا مَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ مَوْقُوفًا بِلَفْظِ: «كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةً فَهُوَ وَجْهٌ مِنْ وُجُوهِ الرِّبَا» وَرَوَاهُ فِي السُّنَنِ الْكُبْرَى، عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيُّ بْنِ كَعْبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>