للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

[بَابُ اعْتِبَارِ تَكْرَارِ الْإِقْرَارِ بِالزِّنَا أَرْبَعًا]

قِصَّةُ مَاعِزٍ قَدْ رَوَاهَا جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ مَنْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَمِنْهُمْ جَمَاعَةٌ لَمْ يَذْكُرْهُمْ، وَقَدْ اتَّفَقَ عَلَيْهَا الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ مِنْ دُونِ تَسْمِيَةِ صَاحِبِ الْقِصَّةِ. وَقَدْ أَطَالَ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ وَاسْتَوْفَى طُرُقَهَا.

وَحَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ أَخْرَجَهُ أَيْضًا أَبُو يَعْلَى وَالْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ، وَفِي أَسَانِيدِهِمْ كُلِّهِمْ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

وَحَدِيثُ بُرَيْدَةَ الْآخَرُ أَخْرَجَ نَحْوَهُ النَّسَائِيّ، وَفِي إسْنَادِهِ بَشِيرُ بْنُ مُهَاجِرٍ الْكُوفِيُّ الْغَنَوِيُّ. وَقَدْ أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ وَوَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ يَجِيءُ بِالْعَجَائِبِ مُرْجِئٌ مُتَّهَمٌ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيّ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، وَلَكِنَّهُ يَشْهَدُ لِهَذَا الْحَدِيثِ حَدِيثُهُ الْأَوَّلُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ. وَحَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ الَّذِي قَبْلَهُ، وَكَذَلِكَ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّتِي عَزَاهَا الْمُصَنِّفُ إلَى أَبِي دَاوُد؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِيهَا: «شَهِدْتَ عَلَى نَفْسِكَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ» يُشْعِرُ بِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْعِلَّةُ فِي ثُبُوتِ الرَّجْمِ وَقَدْ سَكَتَ أَبُو دَاوُد وَالْمُنْذِرِيُّ عَنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَرِجَالُهَا رِجَالُ الصَّحِيحِ.

قَوْلُهُ: (أَبِكَ جُنُونٌ) وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ " فَسَأَلَ: أَبِهِ جُنُونٌ؟ فَأُخْبِرَ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَجْنُونٍ " وَفِي لَفْظٍ: " فَأَرْسَلَ إلَى قَوْمِهِ فَقَالُوا: مَا نَعْلَمُ إلَّا أَنَّهُ فِي الْعَقْلِ مِنْ صَالِحِينَا " وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: " مَا نَعْلَمُ بِهِ بَأْسًا " وَيُجْمَعُ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ بِأَنَّهُ سَأَلَهُ أَوَّلًا ثُمَّ سَأَلَ عَنْهُ احْتِيَاطًا.

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ الِاسْتِفْصَالُ وَالْبَحْثُ عَنْ حَقِيقَةِ الْحَالِ وَلَا يُعَارِضُ هَذَا عَدَمَ اسْتِفْصَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قِصَّةِ الْعَسِيفِ الْمُتَقَدِّمَةِ لِأَنَّ عَدَمَ ذِكْرِ الِاسْتِفْصَالِ فِيهَا لَا يَدُلُّ عَلَى الْعَدَمِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَقْتَصِرَ الرَّاوِي عَلَى نَقْلِ بَعْضِ الْوَاقِعِ. قَوْلُهُ: (فَهَلْ أَحْصَنْتَ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ أَيْ تَزَوَّجْتَ. وَقَدْ رُوِيَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ زِيَادَاتٌ فِي الِاسْتِفْصَالِ، مِنْهَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبِي دَاوُد بِلَفْظِ «لَعَلَّك قَبَّلْتَ أَوْ غَمَزْتَ أَوْ نَظَرْتَ» وَالْمَعْنَى أَنَّك تَجَوَّزْتَ بِإِطْلَاقِ لَفْظِ الزِّنَا عَلَى مُقَدِّمَاتِهِ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا «أَفَنِكْتَهَا؟ قَالَ: نَعَمْ» وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي بَابِ اسْتِفْسَارِ الْمُقِرِّ.

وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ: أَشَرِبْتَ خَمْرًا؟ قَالَ: لَا وَفِيهِ: فَقَامَ رَجُلٌ فَاسْتَنْكَهَهُ فَلَمْ يَجِدْ مِنْهُ رِيحًا» .

قَوْلُهُ: (اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ أَوَّلَ مَنْ يَرْجُمُ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي بَابِ إنَّ السُّنَّةَ بُدَاءَةُ الشَّاهِدِ بِالرَّجْمِ وَبُدَاءَةُ الْإِمَامِ بِهِ.

وَفِيهِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْحَفْرُ لِلْمَرْجُومِ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَأْمُرهُمْ بِذَلِكَ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي بَابِ مَا جَاءَ فِي الْحَفْرِ لِلْمَرْجُومِ. قَوْلُهُ: (فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ الْحِجَارَةُ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة وَالْقَافِ أَيْ بَلَغَتْ مِنْهُ الْجَهْدَ. قَوْلُهُ: (أَعْضَلُ) بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ ضَخْمُ عَضَلَةِ السَّاقِ. قَوْلُهُ: (إنَّهُ قَدْ زَنَى الْآخِرُ) هُوَ مَقْصُورٌ بِوَزْنِ الْكَبِدِ أَيْ الْأَبْعَدِ

قَوْلُهُ: (فَأَقَرَّ عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعَ مَرَّاتٍ)

<<  <  ج: ص:  >  >>