الْوَاحِدَةِ، وَلَهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعُ نِسْوَةٍ» وَفِي رِوَايَةٍ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدُورُ عَلَى نِسَائِهِ فِي السَّاعَةِ الْوَاحِدَةِ مِنْ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُنَّ إحْدَى عَشْرَةَ، قُلْتُ لِأَنَسٍ: وَكَانَ يُطِيقُهُ؟ قَالَ: كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّهُ أُعْطِيَ قُوَّةَ ثَلَاثِينَ» رَوَاهُمَا أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ)
ــ
[نيل الأوطار]
[بَابُ الْعَدَدِ الْمُبَاحِ لِلْحُرِّ وَالْعَبْدِ وَمَا خُصَّ بِهِ النَّبِيُّ فِي ذَلِكَ]
حَدِيثُ قَيْسِ بْنِ الْحَارِثِ وَفِي رِوَايَةِ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسٍ فِي إسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، وَقَدْ ضَعَّفَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيّ: وَلَا أَعْلَمُ لِلْحَارِثِ بْنِ قَيْسٍ حَدِيثًا غَيْرَ هَذَا وَقَالَ أَبُو عُمَرَ النَّمَرِيُّ: لَيْسَ لَهُ إلَّا حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَلَمْ يَأْتِ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ وَفِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ حَدِيثُ غَيْلَانَ الثَّقَفِيِّ لَمَّا أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ، وَسَيَأْتِي فِي بَابِ مَنْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أُخْتَانِ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ هُنَالِكَ
وَفِي الْبَابِ عَنْ نَوْفَلِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ «أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ خَمْسُ نِسْوَةٍ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَمْسِكْ أَرْبَعًا وَفَارِقْ الْأُخْرَى» وَفِي إسْنَادِهِ رَجُلٌ مَجْهُولٌ؛ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ: حَدَّثَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ عَوْفِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ نَوْفَلِ بْنِ مُعَاوِيَةَ قَالَ: أَسْلَمْت فَذَكَرَهُ وَفِي الْبَابِ أَيْضًا عَنْ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ وَصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ وَأَثَرُ عُمَرَ يُقَوِّيهِ مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ أَنَّهُ أَجْمَعَ الصَّحَابَةُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْكِحُ الْعَبْدُ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَتَيْنِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ بَعْدَ أَنْ رَوَى ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَعُمَرَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ لَهُمْ مِنْ الصَّحَابَةِ مُخَالِفٌ وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ جَمَاهِيرِ التَّابِعِينَ عَطَاءٍ وَالشَّعْبِيِّ وَالْحَسَنِ وَغَيْرِهِمْ
قَوْلُهُ: (اخْتَرْ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا) اسْتَدَلَّ بِهِ الْجُمْهُورُ عَلَى تَحْرِيمِ الزِّيَادَةِ عَلَى أَرْبَعٍ وَذَهَبَتْ الظَّاهِرِيَّةُ إلَى أَنَّهُ يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ تِسْعًا، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ قَوْله تَعَالَى: {مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: ٣] وَمَجْمُوعُ ذَلِكَ - إلَّا بِاعْتِبَارِ مَا فِيهِ مِنْ الْعَدْلِ - تِسْعٌ وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَالْعِمْرَانِيِّ وَبَعْضِ الشِّيعَةِ وَحُكِيَ أَيْضًا عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ إبْرَاهِيمَ وَأَنْكَرَ الْإِمَامُ يَحْيَى الْحِكَايَةَ عَنْهُ، وَحَكَاهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ عَنْ الظَّاهِرِيَّةِ وَقَوْمٍ مَجَاهِيلَ وَأَجَابُوا عَنْ حَدِيثِ قَيْسِ بْنِ الْحَارِثِ الْمَذْكُورِ بِمَا فِيهِ مِنْ الْمَقَالِ الْمُتَقَدِّمِ وَأَجَابُوا عَنْ حَدِيثِ غَيْلَانَ الثَّقَفِيِّ بِمَا سَيَأْتِي فِيهِ مِنْ الْمَقَالِ
وَكَذَلِكَ أَجَابُوا عَنْ حَدِيثِ نَوْفَلِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بِمَا قَدَّمْنَا مِنْ كَوْنِ فِي إسْنَادِهِ مَجْهُولٌ، قَالُوا: وَمِثْلُ هَذَا الْأَصْلِ الْعَظِيمِ لَا يُكْتَفَى فِيهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ، وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمَعَ بَيْنَ تِسْعٍ أَوْ إحْدَى عَشْرَةَ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: ٢١] وَأَمَّا دَعْوَى اخْتِصَاصِهِ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعِ فَهُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ وَلَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ دَلِيلٌ وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: ٣] فَالْوَاوُ فِيهِ لِلْجَمْعِ لَا لِلتَّخْيِيرِ وَأَيْضًا لَفْظُ: مَثْنَى، مَعْدُولٌ بِهِ عَنْ اثْنَيْنِ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى تَنَاوُلِ مَا كَانَ مُتَّصِفًا مِنْ الْأَعْدَادِ بِصِفَةِ الِاثْنَيْنِيَّةِ وَإِنْ كَانَ فِي غَايَةِ الْكَثْرَةِ الْبَالِغَةِ إلَى مَا فَوْقَ الْأُلُوفِ، فَإِنَّك تَقُولُ: جَاءَنِي الْقَوْمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute