. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
فِي شَرْحِ حَدِيثِ الْمُسِيءِ أَنَّ جِلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ مَذْكُورَةٌ فِيهِ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ لَا كَمَا زَعَمَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ أَنَّهَا لَمْ تُذْكَرْ فِيهِ، وَذِكْرُهَا فِيهِ يَصْلُحُ لِلِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى وُجُوبِهَا لَوْلَا مَا ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ إشَارَةِ الْبُخَارِيِّ إلَى أَنَّ ذِكْرَ هَذِهِ الْجِلْسَةِ وَهْمٌ وَمَا ذَكَرْنَا أَيْضًا مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِوُجُوبِهَا أَحَدٌ وَقَدْ صَرَّحَ بِمِثْلِ ذَلِكَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ
وَمِنْ جُمْلَةِ مَا احْتَجَّ بِهِ الْقَائِلُونَ بِنَفْيِ اسْتِحْبَابِهَا حَدِيثُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُد الْمُتَقَدِّمُ قَبْلَ حَدِيثِ الْبَابِ، وَمَا رَوَى ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ قَالَ: أَدْرَكْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَانَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ وَفِي الثَّالِثَةِ قَامَ كَمَا هُوَ وَلَمْ يَجْلِسْ، وَذَلِكَ لَا يُنَافِي الْقَوْلَ بِأَنَّهَا سُنَّةٌ لِأَنَّ التَّرْكَ لَهَا مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَعْضِ الْحَالَاتِ إنَّمَا يُنَافِي وُجُوبَهَا فَقَطْ وَكَذَلِكَ تَرْكُ بَعْضِ الصَّحَابَةِ لَهَا لَا يَقْدَحُ فِي سُنِّيَّتِهَا لِأَنَّ تَرْكَ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ جَائِزٌ.
[بَابُ افْتِتَاحِ الثَّانِيَةِ بِالْقِرَاءَةِ مِنْ غَيْرِ تَعَوُّذٍ وَلَا سَكْتَةٍ]
الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا النَّسَائِيّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْوَاحِدِ وَغَيْرِهِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا أَبُو دَاوُد وَلَيْسَ عِنْدَهُ إلَّا السَّكْتَةُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَذِكْرُ دُعَاءِ الِاسْتِفْتَاحِ فِيهَا وَكَذَلِكَ هُوَ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ بِلَفْظِ أَبِي دَاوُد وَعِنْدَ النَّسَائِيّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَتْ لَهُ سَكْتَةٌ إذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ» . وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ مَشْرُوعِيَّةِ السَّكْتَةِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، وَكَذَلِكَ عَدَمِ مَشْرُوعِيَّةِ التَّعَوُّذِ فِيهَا وَحُكْمُ مَا بَعْدَهَا مِنْ الرَّكَعَاتِ حُكْمُهَا، فَتَكُونُ السَّكْتَةُ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ مُخْتَصَّةً بِالرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَكَذَلِكَ التَّعَوُّذُ قَبْلَهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي السَّكْتَتَيْنِ فِي بَابِ مَا جَاءَ فِي السَّكْتَتَيْنِ وَفِي التَّعَوُّذِ فِي بَابِهِ الْمُتَقَدِّمِ، وَقَدْ رَجَّحَ صَاحِبُ الْهَدْيِ الِاقْتِصَارَ عَلَى التَّعَوُّذِ فِي الْأَوَّلِ لِهَذَا الْحَدِيثِ، وَاسْتَدَلَّ لِذَلِكَ بِأَدِلَّةٍ فَلْيُرَاجَعْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute