للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ) .

٢٦٠ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ فِي بَطْنِهِ شَيْئًا فَأَشْكَلَ عَلَيْهِ أَخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ أَمْ لَا فَلَا يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ) .

ــ

[نيل الأوطار]

[بَابُ الْمُتَطَهِّرِ يَشُكُّ هَلْ أَحْدَثَ]

حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي الْبَابِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالْحَاكِمِ وَابْنِ حِبَّانَ، وَفِي إسْنَادِ أَحْمَدَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ الْبَزَّارِ وَالْبَيْهَقِيِّ وَفِي إسْنَادِهِ أَبُو أُوَيْسٍ لَكِنْ تَابَعَهُ الدَّرَاوَرْدِيُّ. قَوْلُهُ: (يُخَيَّلُ إلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ) يَعْنِي خُرُوجَ الْحَدَثِ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا) قَالَ النَّوَوِيُّ: مَعْنَاهُ يَعْلَمُ وُجُودَ أَحَدِهِمَا وَلَا يُشْتَرَطُ السَّمَاعُ وَالشَّمُّ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ.

وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى اطِّرَاحِ الشُّكُوكِ الْعَارِضَةِ لِمَنْ فِي الصَّلَاةِ، وَالْوَسْوَسَةُ الَّتِي جَعَلَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ تَسْوِيلِ الشَّيْطَانِ وَعَدَمِ الِانْتِقَالِ إلَّا لِقِيَامِ نَاقِلٍ مُتَيَقِّنٍ كَسَمَاعِ الصَّوْتِ وَشَمِّ الرِّيحِ وَمُشَاهَدَةِ الْخَارِجِ. قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: وَهَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الْإِسْلَامِ وَقَاعِدَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ قَوَاعِدِ الدِّينِ، وَهِيَ أَنَّ الْأَشْيَاءَ يُحْكَمُ بِبَقَائِهَا عَلَى أُصُولِهَا حَتَّى يُتَيَقَّنَ خِلَافُ ذَلِكَ وَلَا يَضُرُّ الشَّكُّ الطَّارِئُ عَلَيْهَا.

فَمِنْ ذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْبَابِ الَّتِي وَرَدَ فِيهَا الْحَدِيثُ وَهِيَ أَنَّ مَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ حُكِمَ بِبَقَائِهِ عَلَى الطَّهَارَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ حُصُولِ هَذَا الشَّكِّ فِي نَفْسِ الصَّلَاةِ وَحُصُولِهِ خَارِجِ الصَّلَاةِ، هَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ. وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا: أَنَّهُ يَلْزَمُ الْوُضُوءُ إنْ كَانَ شَكُّهُ خَارِجَ الصَّلَاةِ وَلَا يَلْزَمُهُ إنْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ، وَالثَّانِيَةُ: يَلْزَمُهُ بِكُلِّ حَالٍ. وَحُكِيَتْ الرِّوَايَةُ الْأُولَى عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَهُوَ وَجْهٌ شَاذٌّ مَحْكِيٌّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا وَلَيْسَ بِشَيْءٍ.

قَالَ أَصْحَابُنَا: وَلَا فَرْقَ فِي شَكِّهِ بَيْنَ أَنْ يَسْتَوِيَ الِاحْتِمَالَانِ فِي وُقُوعِ الْحَدَثِ وَعَدَمِهِ أَوْ يَتَرَجَّحُ أَحَدُهُمَا وَيَغْلِبُ فِي ظَنِّهِ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ بِكُلِّ حَالٍ، قَالَ: أَمَّا إذَا تَيَقَّنَ الْحَدَثَ وَشَكَّ فِي الطَّهَارَةِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْوُضُوءُ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ: وَمِنْ مَسَائِلِ الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ مَنْ شَكَّ فِي طَلَاقِ زَوْجَتِهِ أَوْ فِي عِتْقِ عَبْدِهِ أَوْ نَجَاسَةِ الْمَاءِ الطَّاهِرِ أَوْ طَهَارَةِ النَّجِسِ أَوْ نَجَاسَةِ الثَّوْبِ أَوْ الطَّعَامِ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ أَنَّهُ صَلَّى ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ أَمْ أَرْبَعًا أَمْ أَنَّهُ رَكَعَ وَسَجَدَ أَمْ لَا أَوْ أَنَّهُ نَوَى الصَّوْمَ أَوْ الصَّلَاةَ أَوْ الْوُضُوءَ أَوْ الِاعْتِكَافَ وَهُوَ فِي أَثْنَاءِ هَذِهِ الْعِبَادَاتِ وَمَا أَشْبَهَ هَذِهِ الْأَمْثِلَةَ، فَكُلُّ هَذِهِ الشُّكُوكِ لَا تَأْثِيرَ لَهَا، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْحَادِثِ اهـ.

وَإِلْحَاقُ غَيْرِ حَالَةِ الصَّلَاةِ بِهَا لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ بِالْقِيَاسِ؛ لِأَنَّ الْخُرُوجَ حَالَةَ الصَّلَاةِ لَا يَجُوزُ لِمَا يَطْرُقُ مِنْ الشُّكُوكِ

<<  <  ج: ص:  >  >>