للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ مِيرَاثِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ

٢٥٧٦ - (عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْمُكَاتَبُ يَعْتِقُ بِقَدْرِ مَا أَدَّى، وَيُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ وَيُورَثُ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ» رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَكَذَلِكَ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ وَلَفْظُهُمَا: «إذَا أَصَابَ الْمُكَاتَبُ حَدًّا أَوْ مِيرَاثًا وَرِثَ بِحِسَابِ مَا عَتَقَ مِنْهُ» وَالدَّارَقُطْنِيّ مِثْلُهُمَا، وَزَادَ " وَأُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ بِحِسَابِ مَا عَتَقَ مِنْهُ " وَقَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَكَمِ: «إذَا كَانَ الْعَبْدُ نِصْفُهُ حُرًّا وَنِصْفُهُ عَبْدًا وَرِثَ بِقَدْرِ الْحُرِّيَّةِ» كَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)

ــ

[نيل الأوطار]

فِي الْبَحْرِ: مَسْأَلَةٌ: الْأَكْثَرُ وَلَا يُوَرِّثُ: يَعْنِي الْوَلَاءَ بَلْ تَخْتَصُّ الْعَصَبَاتُ لِلْخَبَرِ الْعِتْرَةِ وَالْفَرِيقَانِ، وَلَا يُعَصَّبُ فِيهِ ذَكَرُ أُنْثَى فَيَخْتَصُّ بِهِ ذُكُورُ أَوْلَادِ الْمُعْتِقِ وَإِخْوَتِهِ، إذْ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْأَعْمَامَ لَا يَعْصِبُونَ لِضَعْفِهِمْ، وَالْوَلَاءُ ضَعِيفٌ، فَلَمْ يَقَعْ فِيهِ تَعْصِيبٌ بِحَالِ شُرَيْحٍ وَطَاوُسٍ، بَلْ يُوَرِّثُ وَيَعْصِبُونَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " كَلُحْمَةِ النَّسَبِ " قُلْت: مُخَصَّصٌ بِالْقِيَاسِ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لَا يُوَرِّثُ " انْتَهَى، وَمُرَادُهُ بِالْقِيَاسِ الْقِيَاسُ عَلَى عَدَمِ تَعْصِيبِ الْأَعْمَامِ لِأَخَوَاتِهِمْ، وَمَعْنَى كَوْنِ الْوَلَاءِ لِلْكُبَرِ أَنَّهَا لَا تَجْرِي فِيهِ قَوَاعِدُ الْمِيرَاثِ، وَإِنَّمَا يَخْتَصُّ بِإِرْثِهِ الْكُبَرُ مِنْ أَوْلَادِ الْمُعْتِقِ أَوْ غَيْرِهِمْ، فَإِذَا خَلَّفَ رَجُلٌ وَلَدَيْنِ وَقَدْ كَانَ أَعْتَقَ عَبْدًا فَمَاتَ أَحَدُ الْوَلَدَيْنِ وَخَلَّفَ وَلَدًا ثُمَّ مَاتَ الْعَتِيقُ اخْتَصَّ بِوَلَائِهِ ابْنُ الْمُعْتِقِ دُونَ ابْنِ ابْنِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْتَقَ رَجُلٌ عَبْدًا ثُمَّ مَاتَ وَتَرَكَ أَخَوَيْنِ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا، وَتَرَكَ ابْنًا ثُمَّ مَاتَ الْمُعْتِقُ فَمِيرَاثُهُ لِأَخِي الْمُعْتِقِ دُونَ ابْنِ أَخِيهِ

وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ بِمَا رُوِيَ عَنْ هَؤُلَاءِ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ لَا يُخَالِفُونَ التَّوْرِيثَ إلَّا تَوْقِيفًا

[بَابُ مِيرَاثِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ]

الْحَدِيثُ رِجَالُ إسْنَادِهِ ثِقَاتٌ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ، لَكِنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي إرْسَالِهِ وَوَصْلِهِ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي حُكْمِ الْمُكَاتَبِ إذَا أَدَّى بَعْضَ مَالِ الْكِتَابَةِ؛ فَذَهَبَ أَبُو طَالِبٍ وَالْمُؤَيَّدُ بِاَللَّهِ إلَى أَنَّهُ إذَا سَلَّمَ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ صَارَ لِقَدْرِهِ حُكْمُ الْحُرِّيَّةِ فِيمَا يَتَبَعَّضُ مِنْ الْأَحْكَامِ حَيًّا وَمَيِّتًا كَالْوَصِيَّةِ وَالْمِيرَاثِ وَالْحَدِّ وَالْأَرْشِ، وَفِيمَا لَا يَتَبَعَّضُ كَالْقَوَدِ وَالرَّجْمِ وَالْوَطْءِ بِالْمِلْكِ لَهُ حُكْمُ الْعَبْدِ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ: إنَّهُ لَا يَثْبُتُ لَهُ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِ الْأَحْرَارِ، بَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ الْعَبْدِ حَتَّى يَسْتَكْمِلَ الْحُرِّيَّةَ وَحَكَاهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ عَنْ الْجُمْهُورِ وَحُكِيَ فِي الْبَحْرِ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَعَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالزُّهْرِيِّ وَالثَّوْرِيِّ وَالْعِتْرَةِ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ: أَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يَعْتِقُ حَتَّى يُوَفِّيَ وَلَوْ سَلَّمَ الْأَكْثَرَ وَاحْتَجُّوا بِمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>