بَابُ امْتِنَاعِ الْإِرْثِ بِاخْتِلَافِ الدِّينِ وَحُكْمِ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى مِيرَاثٍ قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ
٢٥٧٧ - (عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا مُسْلِمًا وَالنَّسَائِيُّ وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَنْزِلُ غَدًا فِي دَارِكِ بِمَكَّةَ؟ قَالَ: وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ رِبَاعٍ أَوْ دُورٍ» وَكَانَ عَقِيلٌ وَرِثَ أَبَا طَالِبٍ هُوَ وَطَالِبٌ، وَلَمْ يَرِثْ جَعْفَرٌ وَلَا عَلِيٌّ شَيْئًا لِأَنَّهُمَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ وَكَانَ عَقِيلٌ وَطَالِبٌ كَافِرَيْنِ أَخْرَجَاهُ)
ــ
[نيل الأوطار]
وَصَحَّحَهُ مِنْ طُرُقٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا: «الْمُكَاتَبُ قِنٌّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ» وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مِنْ حَدِيثِهِ بِلَفْظِ: «وَمَنْ كَانَ مُكَاتَبًا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ فَقَضَاهَا إلَّا أُوقِيَّةً فَهُوَ عَبْدٌ» وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ " أَنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا أَدَّى الشَّطْرَ عَتَقَ وَيُطَالَبُ بِالْبَاقِي " وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا: " أَنَّهُ يَعْتِقُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا أَدَّى " وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ: لَوْ كَاتَبَهُ عَلَى مِائَتَيْنِ وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ فَأَدَّى الْمِائَةَ عَتَقَ وَعَنْ عَطَاءٍ: إذَا أَدَّى ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ كِتَابَتِهِ عَتَقَ.
وَعَنْ شُرَيْحٍ: إذَا أَدَّى ثُلُثًا عَتَقَ وَمَا بَقِيَ أَدَّاهُ فِي الْحُرِّيَّةِ وَحَدِيثُ الْبَابِ يَدُلُّ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُؤَيَّدُ بِاَللَّهِ وَأَبُو طَالِبٍ وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «يُودَى الْمُكَاتَبُ بِحِصَّةِ مَا أَدَّى دِيَةَ حُرٍّ وَمَا بَقِيَ دِيَةَ عَبْدٍ» قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: قَالَ أَبُو عِيسَى فِيمَا بَلَغَنِي عَنْهُ: سَأَلْت الْبُخَارِيَّ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: رَوَى بَعْضُهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: فَاخْتُلِفَ عَنْ عِكْرِمَةَ فِيهِ، وَرُوِيَ عَنْهُ مُرْسَلًا وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُرْسَلًا، وَجَعَلَهُ إسْمَاعِيلُ مِنْ قَوْلِ عِكْرِمَةَ وَرُوِيَ مَوْقُوفًا عَنْ عَلِيٍّ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طُرُقٍ مَرْفُوعًا
وَفِي الْمَسْأَلَةِ مَذْهَبٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّ الْمُكَاتَبَ يَعْتِقُ بِنَفْسِ الْكِتَابَةِ وَرَجَّحَ هَذَا الْمَذْهَبَ بِأَنَّ حُكْمَ الْكِتَابَةِ حُكْمُ الْبَيْعِ، لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ اشْتَرَى نَفْسَهُ مِنْ السَّيِّدِ، وَرَجَحَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ بِأَنَّهُ أَحْوَطُ، لِأَنَّ مِلْكَ السَّيِّدِ لَا يَزُولُ إلَّا بَعْدَ تَسْلِيمِ مَا قَدْ رَضِيَ بِهِ مِنْ الْمَالِ، وَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فَالْحَدِيثُ الَّذِي تَمَسَّكَ بِهِ الْجُمْهُورُ أَرْجَحُ مِنْ حَدِيثِ الْبَابِ، وَسَيَأْتِي حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ فِي بَابِ الْمُكَاتَبِ مِنْ كِتَابِ الْعِتْقِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute