للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٣١٥ - (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ مِنْ الْغَيْرَةِ مَا يُحِبُّ اللَّهُ، وَمِنْ الْغَيْرَةِ مَا يَبْغُضُ اللَّهُ، وَإِنَّ مِنْ الْخُيَلَاءِ مَا يُحِبُّ اللَّهُ، وَمِنْهَا مَا يَبْغُضُ اللَّهُ فَأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي يُحِبُّهَا اللَّهُ فَالْغَيْرَةُ فِي الرِّيبَةِ وَأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي يُبْغِضُ اللَّهُ فَالْغَيْرَةُ فِي غَيْرِ الرِّيبَةِ، وَالْخُيَلَاءُ الَّتِي يُحِبُّ اللَّهُ فَاخْتِيَالُ الرَّجُلِ بِنَفْسِهِ عِنْدَ الْقِتَالِ وَاخْتِيَالُهُ عِنْدَ الصَّدَقَةِ، وَالْخُيَلَاءُ الَّتِي يُبْغِضُ اللَّهُ فَاخْتِيَالُ الرَّجُلِ فِي الْفَخْرِ وَالْبَغْيِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ) .

بَابُ الْكَفِّ وَقْتَ الْإِغَارَةِ عَمَّنْ عِنْدَهُ شِعَارُ الْإِسْلَامِ

ــ

[نيل الأوطار]

الْعَلَامَةَ بَيْنَهُمْ لِمَعْرِفَةِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ هُوَ التَّكَلُّمُ عِنْدَ أَنْ يَهْجُمَ عَلَيْهِ الْعَدُوُّ بِهَذَا اللَّفْظِ. قَوْلُهُ: (أَمِتْ أَمِتْ) أَمْرٌ بِالْمَوْتِ، وَفِيهِ التَّفَاؤُلُ بِمَوْتِ الْخَصْمِ.

وَفِي لَفْظٍ: " يَا مَنْصُورُ أَمِتْ أَمِتْ ".

وَفِي آخَرَ: " يَا مَنْصُ " وَهُوَ تَرْخِيمُ مَنْصُورٍ مَحْذُوفُ الرَّاءِ وَالْوَاوِ. قَوْلُهُ: (يَكْرَهُونَ الصَّوْتَ عِنْدَ الْقِتَالِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ حَالَ الْقِتَالِ وَكَثْرَةَ اللَّغَطِ وَالصُّرَاخِ مَكْرُوهَةٌ، وَلَعَلَّ وَجْهَ كَرَاهَتِهِمْ لِذَلِكَ أَنَّ التَّصْوِيتَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ رُبَّمَا كَانَ مُشْعِرًا بِالْفَزَعِ وَالْفَشَلِ بِخِلَافِ الصَّمْتِ فَإِنَّهُ دَلِيلُ الثَّبَاتِ وَرِبَاطِ الْجَأْشِ.

[بَابُ اسْتِحْبَابِ الْخُيَلَاءِ فِي الْحَرْبِ]

الْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُد وَالْمُنْذِرِيُّ وَفِي إسْنَادِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ وَهُوَ مَجْهُولٌ، وَقَدْ صَحَّحَ الْحَدِيثَ الْحَاكِمُ. قَوْلُهُ: (فَالْغَيْرَة فِي الرِّيبَةِ) نَحْوُ أَنْ يَغْتَارَ الرَّجُلُ عَلَى مَحَارِمِهِ إذَا رَأَى مِنْهُمْ فِعْلًا مُحَرَّمًا فَإِنَّ الْغَيْرَةَ فِي ذَلِكَ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُحِبّهُ اللَّهُ. وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «مَا أَحَدٌ أَغْيَرَ مِنْ اللَّهِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ حَرَّمَ الزِّنَا» ، وَأَمَّا الْغَيْرَةُ فِي غَيْرِ الرِّيبَةِ فَنَحْوُ أَنْ يَغْتَارَ الرَّجُلُ عَلَى أُمِّهِ أَنْ يَنْكِحَهَا زَوْجُهَا وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَحَارِمِهِ، فَإِنَّ هَذَا مِمَّا يَبْغُضُهُ اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّ مَا أَحَلَّهُ اللَّهُ تَعَالَى فَالْوَاجِبُ عَلَيْنَا الرِّضَا بِهِ، فَإِنْ لَمْ نَرْضَ بِهِ كَانَ ذَلِكَ مِنْ إيثَارِ حَمِيَّةِ الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى مَا شَرَعَهُ اللَّهُ لَنَا وَاخْتِيَالُ الرَّجُلِ بِنَفْسِهِ عِنْدَ الْقِتَالِ مِنْ الْخُيَلَاءِ الَّذِي يُحِبُّهُ اللَّهُ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّرْهِيبِ لِأَعْدَاءِ اللَّهِ وَالتَّنْشِيطِ لِأَوْلِيَائِهِ.

وَمِنْهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَبِي دُجَانَةَ لَمَّا رَآهُ يَخْتَالُ عِنْدَ الْقِتَالِ: «إنَّ هَذِهِ مِشْيَةٌ يُبْغِضُهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إلَّا فِي هَذَا الْمَوْطِنِ» وَكَذَلِكَ الِاخْتِيَالُ عِنْدَ الصَّدَقَةِ فَإِنَّهُ رُبَّمَا كَانَ مِنْ أَسْبَابِ الِاسْتِكْثَارِ مِنْهَا وَالرُّغُوبِ فِيهَا، وَأَمَّا اخْتِيَالُ الرَّجُلِ فِي الْفَخْرِ فَنَحْوُ أَنْ يَذْكُرَ مَا لَهُ مِنْ الْحَسَبِ وَالنَّسَبِ وَكَثْرَةِ الْمَالِ وَالْجَاهِ وَالشَّجَاعَةِ وَالْكَرَمِ لِمُجَرَّدِ الِافْتِخَارِ ثُمَّ يَحْصُلُ مِنْهُ الِاخْتِيَالُ عِنْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>