٢٥٨٨ - (وَعَنْ عَائِشَةَ: «أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ تُوُفِّيَ أَرَدْنَ أَنْ يَبْعَثَ عُثْمَانَ إلَى أَبِي بَكْرٍ يَسْأَلْنَهُ مِيرَاثَهُنَّ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: أَلَيْسَ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ» ) .
٢٥٨٩ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَقْتَسِمُ وَرَثَتِي دِينَارًا، مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي وَمَئُونَةِ عَامِلِي فَهُوَ صَدَقَةٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِنَّ وَفِي لَفْظٍ لِأَحْمَدَ «لَا يَقْتَسِمُ وَرَثَتِي دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا» .
٢٥٩٠ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ لِأَبِي بَكْرٍ: مَنْ يَرِثُكَ إذَا مِتَّ؟ قَالَ: وَلَدِي وَأَهْلِي، قَالَتْ: فَمَا لَنَا لَا نَرِثُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: إنَّ النَّبِيَّ لَا يُورَثُ وَلَكِنْ أَعُولُ مَنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعُولُ، وَأُنْفِقُ عَلَى مَنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُنْفِقُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ)
ــ
[نيل الأوطار]
[بَابٌ فِي أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَا يُورَثُونَ]
قَوْلُهُ: (لَا نُورَثُ) بِالنُّونِ وَهُوَ الَّذِي تَوَارَدَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْحَدِيثِ فِي الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثُ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ: وَمَا تَرَكْنَاهُ فِي مَوْضِعِ الرَّفْعِ بِالِابْتِدَاءِ وَصَدَقَةٌ خَبَرُهُ وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ الرَّافِضَةِ أَنْ لَا نُورَثُ بِالْيَاءِ التَّحْتَانِيَّةِ، وَصَدَقَةً بِالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِ، وَمَا تَرَكْنَاهُ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ عَلَى النِّيَابَةِ وَالتَّقْدِيرِ: لَا يُورَثُ الَّذِي تَرَكْنَاهُ حَالَ كَوْنِهِ صَدَقَةً، وَهَذَا خِلَافُ مَا جَاءَتْ بِهِ الرِّوَايَةُ وَنَقَلَهُ الْحُفَّاظُ، وَمَا ذَلِكَ بِأَوَّلِ تَحْرِيفٍ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ النِّحْلَةِ
وَيُوَضِّحُ بُطْلَانَهُ مَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ بِلَفْظِ " فَهُوَ صَدَقَةٌ " وَقَوْلُهُ: " لَا تَقْتَسِمُ وَرَثَتِي دِينَارًا " وَقَوْلُهُ: " إنَّ النَّبِيَّ لَا يُورَثُ " وَمِمَّا يُنَادِي عَلَى بُطْلَانِهِ أَيْضًا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ احْتَجَّ بِهَذَا الْكَلَامِ عَلَى فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِيمَا الْتَمَسَتْهُ مِنْهُ مِنْ الَّذِي خَلَّفَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْأَرَاضِي، وَهُمَا مِنْ أَفْصَحِ الْفُصَحَاءِ وَأَعْلَمِهِمْ بِمَدْلُولَاتِ الْأَلْفَاظِ، فَلَوْ كَانَ اللَّفْظُ كَمَا تَقْرَؤُهُ الرَّوَافِضُ لَمْ يَكُنْ فِيمَا احْتَجَّ بِهِ أَبُو بَكْرٍ حُجَّةٌ وَلَا كَانَ جَوَابُهُ مُطَابِقًا لِسُؤَالِهَا قَوْلُهُ: (أَنْشُدُكُمْ اللَّهَ) أَيْ أَسْأَلكُمْ رَافِعًا نِشْدَتِي أَيْ صَوْتِي، وَقَدْ قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَى هَذَا التَّرْكِيبِ وَمَعْنَاهُ قَوْلُهُ: (وَمَئُونَةِ عَامِلِي) اُخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِهِ، فَقِيلَ: هُوَ الْخَلِيفَةُ بَعْدَهُ.
قَالَ الْحَافِظُ: وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ: يُرِيدُ بِذَلِكَ الْعَامِلَ عَلَى النَّخْلِ، وَبِهِ جَزَمَ الطَّبَرِيُّ وَابْنُ بَطَّالٍ وَأَبْعَدُ مَنْ قَالَ: الْمُرَادُ بِعَامِلِهِ حَافِرُ قَبْرِهِ وَقَالَ ابْنُ دِحْيَةَ فِي الْخَصَائِصِ: الْمُرَادُ بِعَامِلِهِ: خَادِمُهُ وَقِيلَ: الْعَامِلُ عَلَى الصَّدَقَةِ وَقِيلَ: الْعَامِلُ فِيهَا كَالْأَجِيرِ، وَنَبَّهَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute