للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابٌ فِي أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَا يُورَثُونَ

٢٥٨٦ - (عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ» ) .

٢٥٨٧ - (وَعَنْ عُمَرَ «أَنَّهُ قَالَ لِعُثْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرِ وَسَعْدٍ وَعَلِيٍّ وَالْعَبَّاسِ: أَنْشُدُكُمْ اللَّهَ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ؟ قَالُوا: نَعَمْ» )

ــ

[نيل الأوطار]

اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ بِأَنَّ الْقَاتِلَ لَا يَرِثُ سَوَاءٌ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ، قَالُوا: وَلَا يَرِثُ مِنْ الْمَالِ وَلَا مِنْ الدِّيَةِ

وَقَالَ مَالِكٌ وَالنَّخَعِيِّ وَالْهَادَوِيَّةُ: إنَّ قَاتِلَ الْخَطَأِ يَرِثُ مِنْ الْمَالِ دُونَ الدِّيَةِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ التَّخْصِيصَ لَا يُقْبَلُ إلَّا بِدَلِيلٍ وَحَدِيثُ عُمَرَ بْنِ شَيْبَةَ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ الْأَشْجَعِيِّ نَصٌّ فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ: " وَلَا تَرِثُهَا " وَكَذَلِكَ حَدِيثُ عَدِيٍّ الْجُذَامِيِّ الَّذِي أَشَرْنَا إلَيْهِ؛ وَلَفْظُهُ فِي سُنَنِ الْبَيْهَقِيّ: «إنَّ عَدِيًّا كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ اقْتَتَلَتَا فَرَمَى إحْدَاهُمَا فَمَاتَتْ، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَاهُ فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ: اعْقِلْهَا وَلَا تَرِثهَا» وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا: " أَنَّ رَجُلًا رَمَى بِحَجَرٍ فَأَصَابَ أُمَّهُ فَمَاتَتْ مِنْ ذَلِكَ، فَأَرَادَ نَصِيبَهُ مِنْ مِيرَاثِهَا، فَقَالَ لَهُ إخْوَتُهُ: لَا حَقَّ لَك، فَارْتَفَعُوا إلَى عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فَقَالَ لَهُ: حَقُّكَ مِنْ مِيرَاثِهَا الْحَجَرُ، وَأَغْرَمَهُ الدِّيَةَ وَلَمْ يُعْطِهِ مِنْ مِيرَاثِهَا شَيْئًا " وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ قَالَ: " أَيُّمَا رَجُلٍ قَتَلَ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَلَا مِيرَاثَ لَهُ مِنْهُمَا، وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ قَتَلَتْ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَلَا مِيرَاثَ لَهَا مِنْهُمَا " وَقَالَ قَضَى بِذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَلِيٌّ وَشُرَيْحٌ وَغَيْرُهُمْ مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ سَاقَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْبَابِ آثَارًا عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمَا تُفِيدُ كُلُّهَا أَنَّهُ لَا مِيرَاثَ لِلْقَاتِلِ مُطْلَقًا.

قَوْلُهُ (: أَشْيَمُ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتُ. قَوْلُهُ: (مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَةَ تَرِثُ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا كَمَا تَرِثُ مِنْ مَالِهِ وَكَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ الْمَذْكُورُ لِعُمُومِ قَوْلِهِ فِيهِ " بَيْنَ وَرَثَةِ الْقَتِيلِ " وَالزَّوْجَةُ مِنْ جُمْلَتِهِمْ

وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ قُرَّةَ الْمَذْكُورِ " هَلْ لِأُمِّي فِيهَا حَقٌّ؟ قَالَ: نَعَمْ "

<<  <  ج: ص:  >  >>