قَدْ أَخَذُوا مَضَاجِعَهُمْ، وَإِنَّكُمْ لَمْ تَزَالُوا فِي صَلَاةٍ مُنْذُ انْتَظَرْتُمُوهَا، وَلَوْلَا ضَعْفُ الضَّعِيفِ وَسَقَمُ السَّقِيمِ، وَحَاجَةُ ذِي الْحَاجَةِ لَأَخَّرْتُ هَذِهِ الصَّلَاةَ إلَى شَطْرِ اللَّيْلِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد)
بَابُ كَرَاهِيَةِ النَّوْمِ قَبْلَهَا وَالسَّمَرِ بَعْدَهَا إلَّا فِي مَصْلَحَةٍ
٤٦١ - (عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُؤَخِّرَ الْعِشَاءَ الَّتِي يَدْعُونَهَا الْعَتَمَةَ وَكَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَهَا، وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ) .
ــ
[نيل الأوطار]
قَدْ أَخَذُوا مَضَاجِعَهُمْ، وَإِنَّكُمْ لَمْ تَزَالُوا فِي صَلَاةٍ مُنْذُ انْتَظَرْتُمُوهَا، وَلَوْلَا ضَعْفُ الضَّعِيفِ وَسَقَمُ السَّقِيمِ، وَحَاجَةُ ذِي الْحَاجَةِ لَأَخَّرْتُ هَذِهِ الصَّلَاةَ إلَى شَطْرِ اللَّيْلِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد) . الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِهِ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُمْ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.
قَوْلُهُ: (لَيْلَةً) فِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُوَاظِبُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: (شَطْرُ اللَّيْلِ) الشَّطْرُ: نِصْفُ الشَّيْءِ وَجُزْؤُهُ، وَمِنْهُ حَدِيثُ الْإِسْرَاءِ " فَوَضَعَ شَطْرَهَا " أَيْ بَعْضَهَا قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْلَا ضَعْفُ الضَّعِيفِ) هَذَا تَصْرِيحٌ بِأَفْضَلِيَّةِ التَّأْخِيرِ لَوْلَا ضَعْفُ الضَّعِيفِ وَسَقَمُ السَّقِيمِ وَحَاجَةُ ذِي الْحَاجَةِ. وَالْحَدِيثُ مِنْ حُجَجِ مَنْ قَالَ بِأَنَّ التَّأْخِيرَ أَفْضَلُ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ. قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قُلْت: قَدْ ثَبَتَ تَأْخِيرُهَا إلَى شَطْرِ اللَّيْلِ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَوْلًا وَفِعْلًا وَهُوَ يَثْبُتُ زِيَادَةً عَلَى أَخْبَارِ ثُلُثِ اللَّيْلِ وَالْأَخْذِ بِالزِّيَادَةِ أَوْلَى اهـ. وَهَذَا صَحِيحٌ وَقَدْ أَسَلَفنَا ذِكْرَهُ.
[بَابُ كَرَاهِيَةِ النَّوْمِ قَبْلَهَا وَالسَّمَرِ بَعْدَهَا إلَّا فِي مَصْلَحَةٍ]
وَفِي الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ عِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ وَعَنْ أَنَسٍ أَشَارَ إلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَوَاهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّاهِرِ الذُّهْلِيُّ، وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَسَيَأْتِي، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَقَدْ كَرِهَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ النَّوْمَ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ، وَرَخَّصَ فِي ذَلِكَ بَعْضُهُمْ، وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: أَكْثَرُ الْأَحَادِيثِ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَرَخَّصَ بَعْضُهُمْ فِي النَّوْمِ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ فِي رَمَضَانَ.
قَالَ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ: وَقَدْ كَرِهَهُ جَمَاعَةٌ وَأَغْلَظُوا فِيهِ مِنْهُمْ ابْنُ عُمَرَ وَعُمَرُ وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ وَرَخَّصَ فِيهِ بَعْضُهُمْ مِنْهُمْ عَلِيٌّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَأَبُو مُوسَى وَهُوَ مَذْهَبُ الْكُوفِيِّينَ، وَشَرَطَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَجْعَلَ مَعَهُ مَنْ يُوقِظُهُ لِصَلَاتِهَا، وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مِثْلُهُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الطَّحَاوِيُّ. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: إنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لِمَنْ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ الْيَقَظَةَ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ بِعَادَةٍ، أَوْ يَكُونُ مَعَهُ مَنْ يُوقِظُهُ، وَالْعِلَّةُ فِي الْكَرَاهَةِ قَبْلَهَا لِئَلَّا يَذْهَبُ النَّوْمُ بِصَاحِبِهِ وَيَسْتَغْرِقُهُ فَتَفُوتُهُ أَوْ يَفُوتُهُ فَضْلُ وَقْتِهَا الْمُسْتَحَبِّ أَوْ يَتَرَخَّصُ فِي ذَلِكَ النَّاسُ فَيَنَامُوا عَنْ إقَامَةِ جَمَاعَتِهَا.
احْتَجَّ مَنْ قَالَ بِالْكَرَاهَةِ بِحَدِيثِ الْبَابِ وَمَا بَعْدَهُ وَاحْتَجَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute