للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ طَهَارَةِ الْمَاءِ الْمُتَوَضَّأِ بِهِ

٣ - (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعُودنِي وَأَنَا مَرِيضٌ لَا أَعْقِلُ فَتَوَضَّأَ وَصَبَّ وَضُوءَهُ عَلَيَّ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

٤ - (وَفِي حَدِيثِ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ، مِنْ رِوَايَةِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ: «مَا تَنَخَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نُخَامَةً إلَّا وَقَعَتْ فِي كَفّ رَجُلٍ، فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ، وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ» . وَهُوَ بِكَمَالِهِ لِأَحْمَدَ وَالْبُخَارِيِّ) .

ــ

[نيل الأوطار]

وَفِي رِوَايَةٍ: " اسْتَسْقَى عِنْدَ الْبَيْتِ فَأَتَيْته بِدَلْوٍ " وَالسَّجْلُ بِسِينٍ مُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ فَجِيمٍ سَاكِنَةٍ: الدَّلْوُ الْمَمْلُوءُ، فَإِنْ تَعَطَّلَ فَلَيْسَ بِسَجْلٍ. وَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ فِي بَابِ تَطْهِيرِ الْأَرْضِ. وَلِحَدِيثِ الْبَابِ فَوَائِدُ كَثِيرَةٌ خَارِجَةٌ عَنْ مَقْصُودِ مَا نَحْنُ بِصَدَدِهِ. فَلْنَقْتَصِرْ عَلَى هَذَا الْمِقْدَارِ.

[بَابُ طَهَارَةِ الْمَاءِ الْمُتَوَضَّأِ بِهِ]

قَوْلُهُ: (يَعُودُنِي) زَادَ الْبُخَارِيُّ فِي الطِّبِّ (مَاشِيًا) قَوْلُهُ: (لَا أَعْقِلُ) أَيْ لَا أَفْهَمُ، وَحُذِفَ مَفْعُولُهُ إشَارَةً إلَى عِظَمِ الْحَالِ أَوْ لِغَرَضِ التَّعْمِيمِ، أَيْ لَا أَعْقِلُ شَيْئًا مِنْ الْأُمُورِ، وَصَرَّحَ الْبُخَارِيُّ بِقَوْلِهِ شَيْئًا فِي التَّفْسِيرِ مِنْ صَحِيحِهِ. وَلَهُ فِي الطِّبِّ: (فَوَجَدَنِي قَدْ أُغْمِيَ عَلَيَّ) قَوْلُهُ: (وَضُوءَهُ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ صَبَّ عَلَيَّ بَعْضَ الْمَاءِ الَّذِي تَوَضَّأَ بِهِ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ بِلَفْظِ: " مِنْ وَضُوئِهِ " وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ صَبَّ عَلَيْهِ مَا بَقِيَ مِنْهُ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ لِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ: " فَتَوَضَّأَ وَصَبَّ وَضُوءَهُ عَلَيَّ " وَلِأَبِي دَاوُد: «فَتَوَضَّأَ وَصَبَّهُ عَلَيَّ» فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْمَصْبُوبَ هُوَ الْمَاءُ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الْوُضُوءُ.

قَوْلُهُ: (مَا تَنَخَّمَ) التَّنَخُّمُ دَفْعُ الشَّيْءِ مِنْ الصَّدْرِ أَوْ الْأَنْفِ. وَقَدْ اسْتَدَلَّ الْجُمْهُورُ بِصَبِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِوَضُوئِهِ عَلَى جَابِرٍ وَتَقْرِيرِهِ لِلصَّحَابَةِ عَلَى التَّبَرُّكِ بِوَضُوئِهِ، وَعَلَى طَهَارَةِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ لِلْوُضُوءِ، وَذَهَبَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ وَأَبُو الْعَبَّاسِ إلَى أَنَّهُ نَجِسٌ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِأَدِلَّةٍ: مِنْهَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: «لَا يَغْتَسِلَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ وَهُوَ جُنُبٌ» .

وَفِي رِوَايَةٍ: «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ» وَسَيَأْتِي. قَالُوا: وَالْبَوْلُ يُنَجِّسُ الْمَاءَ فَكَذَا الِاغْتِسَالُ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ نَهَى عَنْهُمَا جَمِيعًا.

وَمِنْهَا الْإِجْمَاعُ عَلَى إضَاعَتِهِ وَعَدَمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>