. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
مِنْ إذَا وَقَعَتْ بِمَعْنَى إلَى، قَالَ فِي الْفَتْحِ وَعَلَى تَوْجِيهِ النَّوَوِيِّ: يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ عِنْدَ زَائِدَةٌ.
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْمُوَاسَاةِ بِالْمَاءِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ لِمَنْ كَانَ فِي مَائِهِ فَضْلٌ عَنْ وُضُوئِهِ، وَعَلَى أَنَّ اغْتِرَافَ الْمُتَوَضِّئِ مِنْ الْمَاءِ الْقَلِيلِ لَا يُصَيِّرُ الْمَاءَ مُسْتَعْمَلًا، وَاسْتَدَلَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِغَسْلِ الْيَدِ قَبْلَ إدْخَالِهَا الْإِنَاءَ نَدْبٌ لَا حَتْمٌ، وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُ ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: هَذَا الْحَدِيثُ شَهِدَهُ جَمْعٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُرْوَ إلَّا مِنْ طَرِيقِ أَنَسٍ، وَذَلِكَ لِطُولِ عُمْرِهِ، وَلِطَلَبِ النَّاسِ عُلُوَّ السَّنَدِ، وَنَاقَضَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ فَقَالَ: هَذِهِ الْقِصَّةُ رَوَاهَا الْعَدَدُ الْكَثِيرُ مِنْ الثِّقَاتِ عَنْ الْجَمِّ الْغَفِيرِ عَنْ الْكَافَّةِ مُتَّصِلًا عَنْ جُمْلَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، بَلْ لَمْ يُؤْثَرْ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ إنْكَارُ ذَلِكَ فَهُوَ مُلْتَحِقٌ بِالْقَطْعِيِّ. قَالَ الْحَافِظُ: فَانْظُرْ كَمْ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ مِنْ التَّفَاوُتِ انْتَهَى.
وَمِنْ فَوَائِدِ الْحَدِيثِ أَنَّ الْمَاءَ الشَّرِيفَ يَجُوزُ رَفْعُ الْحَدَثِ بِهِ. وَلِهَذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَفِيهِ تَنْبِيهٌ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِرَفْعِ الْحَدَثِ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ؛ لِأَنَّ قُصَارَاهُ أَنَّهُ مَاءٌ شَرِيفٌ مُتَبَرَّكٌ بِهِ، وَالْمَاءُ الَّذِي وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدَهُ فِيهِ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ. وَقَدْ جَاءَ عَنْ عَلِيٍّ - كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ - فِي حَدِيثٍ لَهُ قَالَ فِيهِ: «ثُمَّ أَفَاضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَعَا بِسَجْلٍ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ فَشَرِبَ مِنْهُ وَتَوَضَّأَ» .
رَوَاهُ أَحْمَدُ انْتَهَى. وَهَذَا الْحَدِيثُ هُوَ فِي أَوَّلِ مُسْنَدِ عَلِيٍّ مِنْ مُسْنَدِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَلَفْظُهُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَفَ بِعَرَفَةَ فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا وَفِيهِ: ثُمَّ أَفَاضَ فَدَعَا بِسَجْلٍ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ فَشَرِبَ مِنْهُ وَتَوَضَّأَ ثُمَّ قَالَ: انْزِعُوا فَلَوْلَا أَنْ تُغْلَبُوا عَلَيْهَا لَنَزَعْتُ» الْحَدِيثَ، وَهَذَا إسْنَادٌ مُسْتَقِيمٌ؛ لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَحْمَدَ ثِقَةٌ إمَامٌ وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ الْبَصْرِيُّ وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَالنَّسَائِيُّ وَالْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ فِي التَّقْرِيبِ: ثِقَةٌ جَوَادٌ مِنْ الْخَامِسَةِ وَأَبُوهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ فِي التَّقْرِيبِ: مِنْ كِبَارِ ثِقَاتِ التَّابِعِينَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَافِعٍ كَانَ كَاتِبَ عَلِيٍّ وَهُوَ ثِقَةٌ مِنْ الثَّالِثَةِ كَمَا فِي التَّقْرِيبِ، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَا بَأْسَ بِهِ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ. وَأَمَّا الْإِمَامَانِ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَوَالِدُهُ زَيْنُ الْعَابِدِينَ فَهُمَا أَشْهُرُ مِنْ نَارٍ عَلَى عَلَمٍ
وَقَدْ أَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيثَ أَهْلُ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَشُرْبُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ زَمْزَمَ عِنْدَ الْإِفَاضَةِ ثَابِتٌ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَسُنَنِ أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ بِلَفْظِ: «فَأَتَى يَعْنِي النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَهُمْ، يَسْقُونَ عَلَى زَمْزَمَ فَقَالَ: انْزِعُوا بَنِي عَبْدَ الْمُطَّلِبِ فَلَوْلَا أَنْ يَغْلِبَكُمْ النَّاسُ عَلَى سِقَايَتِكُمْ لَنَزَعْتُ مَعَكُمْ فَنَاوَلُوهُ دَلْوًا فَشَرِبَ مِنْهُ» وَهُوَ فِي الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِ: «سَقَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ زَمْزَمَ فَشَرِبَ وَهُوَ قَائِمٌ»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute