للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦١٩ - (وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ لِبِلَالٍ «هَلْ صَلَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْكَعْبَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ رَكْعَتَيْنِ بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ عَنْ يَسَارِك إذَا دَخَلْت، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى فِي وُجْهَةِ الْكَعْبَةِ رَكْعَتَيْنِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ) .

ــ

[نيل الأوطار]

[بَابُ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ فِي الْكَعْبَةِ]

قَوْلُهُ: (دَخَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْبَيْتَ) قَالَ الْحَافِظُ: كَانَ ذَلِكَ فِي عَامِ الْفَتْحِ كَمَا وَقَعَ مُبَيَّنًا مِنْ رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ نَافِعٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ. قَوْلُهُ: (هُوَ وَأُسَامَةُ وَبِلَالٌ وَعُثْمَانُ) زَادَ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ أُخْرَى «وَلَمْ يَدْخُلْهَا مَعَهُمْ أَحَدٌ» . وَوَقَعَ عِنْدَ النَّسَائِيّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ وَمَعَهُ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ وَأُسَامَةُ وَبِلَالٌ وَعُثْمَانُ فَزَادَ الْفَضْلُ. وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدَّثَنِي أَخِي الْفَضْلُ وَكَانَ مَعَهُ حِينَ دَخَلَهَا. قَوْلُهُ: (فَأَغْلَقُوا عَلَيْهِ الْبَابَ) زَادَ مُسْلِمٌ " فَمَكَثَ فِيهَا مَلِيًّا ".

وَفِي رِوَايَةٍ " لَهُ فَأَجَافُوا عَلَيْهِمْ الْبَابَ طَوِيلًا ". وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي عَوَانَةَ " مِنْ دَاخِلٍ " وَزَادَ يُونُسُ " فَمَكَثَ نَهَارًا طَوِيلًا ". وَفِي رِوَايَةِ فُلَيْحِ " زَمَانًا ". قَوْلُهُ: (فَلَمَّا فَتَحُوا) فِي رِوَايَةٍ " ثُمَّ خَرَجَ فَابْتَدَرَ النَّاسُ الدُّخُولَ فَسَبَقْتهمْ ": وَفِي رِوَايَةٍ " وَكُنْت شَابًّا قَوِيًّا فَبَادَرْت فَبَدَرْتُهُمْ " وَأَفَادَ الْأَزْرَقِيُّ فِي كِتَابِ مَكَّةَ أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ كَانَ عَلَى الْبَابِ يَذُبُّ النَّاسَ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ الْيَمَانِيَّيْنِ) وَفِي رِوَايَةٍ " بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ الْمُقَدَّمَيْنِ ". قَوْلُهُ: (فَصَلَّى فِي وُجْهَةِ الْكَعْبَةِ رَكْعَتَيْنِ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ فِي الصَّلَاةِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: " فَذَهَبَ عَلَيَّ أَنْ أَسْأَلَهُ كَمْ صَلَّى ".

وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: " نَسِيت أَنْ أَسْأَلَهُ كَمْ صَلَّى ". وَقَدْ جَمَعَ الْحَافِظُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْفَتْحِ وَالْحَدِيثَانِ يَدُلَّانِ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ لِصَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهَا. وَقَدْ ادَّعَى ابْنُ بَطَّالٍ أَنَّ الْحِكْمَةَ فِي تَغْلِيقِ الْبَابِ لِئَلَّا يَظُنَّ النَّاسُ أَنَّ ذَلِكَ سُنَّةٌ فَيَلْتَزِمُونَهُ. قَالَ الْحَافِظُ: وَهُوَ مَعَ ضَعْفِهِ مُنْتَقَضٌ بِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ إخْفَاءَ ذَلِكَ مَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ بِلَالٌ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ، وَإِثْبَاتُ الْحُكْمِ بِذَلِكَ يَكْفِي فِيهِ نَقْلُ الْوَاحِدِ انْتَهَى.

فَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّغْلِيقَ لَيْسَ لِمَا ذَكَرَهُ بَلْ لِمَخَافَةِ أَنْ يَزْدَحِمُوا عَلَيْهِ لِتَوَفُّرِ دَوَاعِيهِمْ عَلَى مُرَاعَاةِ أَفْعَالِهِ لِيَأْخُذُوهَا عَنْهُ أَوْ لِيَكُونَ ذَلِكَ أَسْكَنَ لِقَلْبِهِ وَأَجْمَعَ لِخُشُوعِهِ. وَإِنَّمَا أَدْخَلَ مَعَهُ عُثْمَانَ لِئَلَّا يَظُنَّ أَنَّهُ عُزِلَ مِنْ وِلَايَةِ الْبَيْتِ، وَبِلَالًا وَأُسَامَةَ لِمُلَازَمَتِهِمَا خِدْمَتَهُ. وَقِيلَ فَائِدَةُ ذَلِكَ التَّمَكُّنُ مِنْ الصَّلَاةِ فِي جَمِيعِ جِهَاتِهَا. لِأَنَّ الصَّلَاةَ إلَى جِهَةِ الْبَابِ وَهُوَ مَفْتُوحٌ لَا تَصِحُّ. وَقَدْ عَارَضَ أَحَادِيثَ صَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْكَعْبَةِ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَبَّرَ فِي الْبَيْتِ وَلَمْ يُصَلِّ فِيهِ. قَالَ الْحَافِظُ: وَلَا مُعَارَضَةَ فِي ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إلَى التَّكْبِيرِ لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَثْبَتَهُ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ بِلَالٌ وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَإِثْبَاتُ بِلَالٍ أَرْجَحُ لِأَنَّ بِلَالًا كَانَ مَعَهُ يَوْمَئِذٍ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>