للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ فِي الْكَعْبَةِ

٦١٨ - (عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْبَيْتَ هُوَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَبِلَالٌ وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ فَأَغْلَقُوا عَلَيْهِمْ الْبَابَ، فَلَمَّا فَتَحُوا كُنْت أَوَّلَ مَنْ وَلَجَ فَلَقِيتُ بِلَالًا فَسَأَلْته هَلْ صَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالَ: نَعَمْ، بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ الْيَمَانِيَّيْنِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

ــ

[نيل الأوطار]

الضِّرَارِ فَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: إنَّهُ لَا يُجْزِئُ أَحَدًا الصَّلَاةُ فِيهِ لِقِصَّةِ مَسْجِدِ الضِّرَارِ وَقَوْلُهُ: {لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا} [التوبة: ١٠٨] فَصَحَّ أَنَّهُ لَيْسَ مَوْضِعَ صَلَاةٍ. وَأَمَّا الصَّلَاةُ إلَى التَّنُّورِ فَكَرِهَهَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَقَالَ: بَيْتُ نَارٍ، رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي الْمُصَنَّفِ، وَزَادَ ابْنُ حَزْمٍ فَقَالَ: لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِي مَسْجِدٍ يُسْتَهْزَأُ فِيهِ بِاَللَّهِ أَوْ بِرَسُولِهِ أَوْ شَيْءٍ مِنْ الدِّينِ أَوْ فِي مَكَان يُكْفَرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فِيهِ.

وَزَادَتْ الْهَادَوِيَّةُ كَرَاهَةَ الصَّلَاةِ إلَى الْمُحْدِثِ وَالْفَاسِقِ وَالسِّرَاجِ. وَزَادَ الْإِمَامُ يَحْيَى الْجُنُبَ وَالْحَائِضَ فَيَكُونُ الْجَمِيعُ سِتَّةً وَعِشْرِينَ مَوْضِعًا. وَاسْتُدِلَّ عَلَى كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ إلَى الْمُحْدِثِ بِحَدِيثٍ ذَكَرَهُ الْإِمَامُ يَحْيَى فِي الِانْتِصَارِ بِلَفْظِ: «لَا صَلَاةَ إلَى مُحْدِثٍ، لَا صَلَاةَ إلَى جُنُبٍ، لَا صَلَاةَ إلَى حَائِضٍ» وَقِيلَ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ إلَيْهِ الْقِيَاسُ عَلَى الْحَائِضِ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهَا تَقْطَعُ الصَّلَاةَ، وَأَمَّا الْفَاسِقُ فَإِهَانَةٌ لَهُ كَالنَّجَاسَةِ. وَأَمَّا السِّرَاجُ فَلِلْفِرَارِ مِنْ التَّشَبُّهِ بِعَبَدَةِ النَّارِ، وَالْأَوْلَى عَدَمُ التَّخْصِيصِ بِالسِّرَاجِ وَلَا بِالتَّنُّورِ بَلْ إطْلَاقُ الْكَرَاهَةِ عَلَى اسْتِقْبَالِ النَّارِ، فَيَكُونُ اسْتِقْبَالُ التَّنُّورِ وَالسِّرَاجِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَنْوَاعِ النَّارِ قِسْمًا. وَأَمَّا الْجُنُبُ وَالْحَائِضُ فَلِلْحَدِيثِ الَّذِي فِي الِانْتِصَارِ وَلِمَا فِي الْحَائِضِ مِنْ قَطْعِهَا لِلصَّلَاةِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَائِلِينَ بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ فِي هَذِهِ الْمَوَاطِنِ أَوْ فِي أَكْثَرِهَا تَمَسَّكُوا فِي الْمَوَاطِنِ الَّتِي صَحَّتْ أَحَادِيثُهَا بِأَحَادِيثَ: «أَيْنَمَا أَدْرَكَتْك الصَّلَاةُ فَصَلِّ» وَنَحْوِهَا وَجَعَلُوهَا قَرِينَةً قَاضِيَةً بِصِحَّةِ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ الْقَاضِيَةِ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ. وَقَدْ عَرَّفْنَاك أَنَّ أَحَادِيثَ النَّهْيِ عَنْ الْمَقْبَرَةِ وَالْحَمَّامِ وَنَحْوِهِمَا خَاصَّةً فَتُبْنَى الْعَامَّةُ عَلَيْهَا وَتَمَسَّكُوا فِي الْمَوَاطِنِ الَّتِي لَمْ تَصِحَّ أَحَادِيثُهَا بِالْقَدْحِ فِيهَا لِعَدَمِ التَّعَبُّدِ بِمَا لَمْ يَصِحَّ، وَكِفَايَةِ الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ حَتَّى يَقُومَ دَلِيلٌ صَحِيحٌ يُنْقَلُ عَنْهَا لَا سِيَّمَا بَعْدَ وُرُودِ عُمُومَاتِ قَاضِيَةٍ بِأَنَّ كُلَّ مَوْطِنٍ مِنْ مَوَاطِنِ الْأَرْضِ مَسْجِدٌ تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِيهِ، وَهَذَا مُتَمَسَّكٌ صَحِيحٌ لَا بُدَّ مِنْهُ.

قَوْلُهُ: (أَشْبَهُ وَأَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ) قِيلَ: إنَّ قَوْلَهُ مِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ صِفَةٌ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بِأَنَّهُ مِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ الَّذِي هُوَ أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جَبِيرَةَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>