بَابُ الْأَذَانِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَتَقْدِيمِهِ عَلَيْهِ فِي الْفَجْرِ خَاصَّةً
٤٩٨ - (عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: «كَانَ بِلَالٌ يُؤَذِّنُ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ لَا يَخْرُمُ ثُمَّ لَا يُقِيمُ حَتَّى يَخْرُجَ إلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا خَرَجَ أَقَامَ حِينَ يَرَاهُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ) .
ــ
[نيل الأوطار]
لِصَوْتِهِ قَالَ الْحَافِظُ: وَفِيهِ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ مِنْ طَرِيقِ سَعْدٍ الْقَرَظِ عَنْ بِلَالٍ
وَالثَّانِيَةُ: أَنَّهُ عَلَامَةٌ لِلْمُؤَذِّنِ لِيَعْرِفَ مَنْ يَرَاهُ عَلَى بُعْدٍ أَوْ مَنْ كَانَ بِهِ صَمَمٌ أَنَّهُ يُؤَذِّنُ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: اسْتَحَبَّ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنْ يُدْخِلَ الْمُؤَذِّنُ أُصْبُعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ فِي الْأَذَانِ، قَالَ: وَاسْتَحَبَّهُ الْأَوْزَاعِيُّ فِي الْإِقَامَةِ أَيْضًا، وَلَمْ يَرِدْ فِي الْأَحَادِيثِ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ تَعْيِينُ الْأُصْبُعِ الَّتِي يُسْتَحَبُّ وَضْعُهَا وَجَزَمَ النَّوَوِيُّ بِأَنَّهَا الْمُسَبِّحَةُ وَإِطْلَاقُ الْأُصْبُعِ مَجَازٌ عَنْ الْأُنْمُلَةِ.
[بَابُ الْأَذَانِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَتَقْدِيمِهِ عَلَيْهِ فِي الْفَجْرِ خَاصَّةً]
قَوْلُهُ: (لَا يَخْرُمُ) أَيْ لَا يَتْرُكُ شَيْئًا مِنْ أَلْفَاظِهِ. الْحَدِيثُ فِيهِ الْمُحَافَظَةُ عَلَى الْأَذَانِ عِنْدَ دُخُولِ وَقْتِ الظُّهْرِ بِدُونِ تَقْدِيمٍ وَلَا تَأْخِيرٍ وَهَكَذَا سَائِرُ الصَّلَوَاتِ إلَّا الْفَجْرَ لِمَا سَيَأْتِي.
وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ الْمُقِيمَ لَا يُقِيمُ إلَّا إذَا أَرَادَ الْإِمَامُ الصَّلَاةَ، وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ عَدِيٍّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «الْمُؤَذِّنُ أَمْلَكُ بِالْأَذَانِ، وَالْإِمَامُ أَمْلَكُ بِالْإِقَامَةِ» وَضَعَّفَهُ، وَلَعَلَّ تَضْعِيفَهُ لَهُ لِأَنَّ فِي إسْنَادِهِ شَرِيكًا الْقَاضِيَ. وَقَدْ أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ نَحْوَهُ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ قَوْلِهِ: وَقَالَ: لَيْسَ بِمَحْفُوظٍ، وَرَوَاهُ أَبُو الشَّيْخِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْجَوْزَاءِ عَنْ ابْنِ عَمِّهِ وَفِيهِ مُعَارِكٌ وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَيُعَارِضُ حَدِيثَ الْبَابِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مَا عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيُّ بِلَفْظِ: أَنَّهُ قَالَ: «إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي» أَيْ خَرَجْت لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُقِيمَ شَرَعَ فِي الْإِقَامَةِ قَبْلَ خُرُوجِهِ
وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بِأَنَّ بِلَالًا كَانَ يُرَاقِبُ خُرُوجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَشْرَعُ فِي الْإِقَامَةِ عِنْدَ أَوَّلِ رُؤْيَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ غَالِبُ النَّاسِ، ثُمَّ إذَا رَأَوْهُ قَامُوا، يَشْهَدُ لِهَذَا مَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ: «أَنَّ النَّاسَ كَانُوا سَاعَةَ يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ: اللَّهُ أَكْبَرُ يَقُومُونَ إلَى الصَّلَاةِ فَلَا يَأْتِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَقَامَهُ حَتَّى تَعْتَدِلَ الصُّفُوفُ» وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَسُنَنِ أَبِي دَاوُد وَمُسْتَخْرَجِ أَبِي عَوَانَةَ: «أَنَّهُمْ كَانُوا يَعْدِلُونَ الصُّفُوفَ قَبْلَ خُرُوجِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَفِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ «أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُومُونَ سَاعَةَ تُقَامُ الصَّلَاةُ، وَلَوْ لَمْ يَخْرُجْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَقَعَ لَهُ شُغْلٌ يُبْطِئُ فِيهِ عَنْ الْخُرُوجِ فَيَشُقُّ عَلَيْهِمْ الِانْتِظَارُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute