٤٩٩ - (وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ مِنْ سَحُورِهِ فَإِنَّهُ يُؤَذِّنُ - أَوْ قَالَ: يُنَادِي بِلَيْلٍ - لِيَرْجِعَ قَائِمَكُمْ وَيُوقَظَ نَائِمَكُمْ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ)
ــ
[نيل الأوطار]
- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَعْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ الْبَابِ: وَفِيهِ أَنَّ الْفَرِيضَةَ تُغْنِي عَنْ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ انْتَهَى.
٤٩٩ - (وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ مِنْ سَحُورِهِ فَإِنَّهُ يُؤَذِّنُ - أَوْ قَالَ: يُنَادِي بِلَيْلٍ - لِيَرْجِعَ قَائِمَكُمْ وَيُوقَظَ نَائِمَكُمْ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ) . قَوْلُهُ: (أَحَدُكُمْ) فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ " أَحَدًا مِنْكُمْ " شَكٌّ مِنْ الرَّاوِي وَكِلَاهُمَا يُفِيدُ الْعُمُومَ
قَوْلُهُ: (مِنْ سَحُورِهِ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ اسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ فِي السَّحَرِ. وَيَجُوزُ الضَّمُّ هُوَ اسْمُ الْفِعْلِ
قَوْلُهُ: (لِيَرْجِعَ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْجِيمِ الْمُخَفَّفَةِ يُسْتَعْمَلُ هَذَا لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا، تَقُولُ: رَجَعَ زَيْدٌ وَرَجَعْت زَيْدًا، وَلَا يُقَالُ فِي الْمُتَعَدِّي بِالتَّثْقِيلِ، وَمَنْ رَوَاهُ بِالضَّمِّ وَالتَّثْقِيلِ فَقَدْ أَخْطَأَ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مِنْ التَّرْجِيعِ وَهُوَ التَّرْدِيدُ وَلَيْسَ مُرَادًا هُنَا، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ يَرُدُّ الْقَائِمَ: أَيْ الْمُجْتَهِدَ إلَى رَاحَتِهِ لِيَقُومَ إلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ نَشِيطًا، أَوْ يَتَسَحَّرَ إنْ كَانَ لَهُ حَاجَةٌ إلَى الصِّيَامِ وَيُوقِظُ النَّائِمَ لَيَتَأَهَّبَ لِلصَّلَاةِ بِالْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْأَذَانِ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ خَاصَّةً، وَقَدْ ذَهَبَ إلَى مَشْرُوعِيَّتِهِ الْجُمْهُورُ مُطْلَقًا
وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ وَالْهَادِي وَالْقَاسِمُ وَالنَّاصِرُ وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَأَصْحَابُهُمْ: إنَّهُ يَكْتَفِي بِهِ لِلصَّلَاةِ، وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْغَزَالِيُّ: إنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِهِ، وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي شَيْءٍ مِنْ الْحَدِيثِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الِاكْتِفَاءِ، وَتُعُقِّبَ بِحَدِيثِ الْبَابِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مَسْكُوتٌ عَنْهُ وَعَلَى التَّنَزُّلِ فَمَحَلُّهُ مَا إذَا لَمْ يَرِدْ نُطِقَ بِخِلَافِهِ، وَهَهُنَا قَدْ وَرَدَ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ الْآتِي، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ، نَعَمْ حَدِيثُ زِيَادِ بْنِ الْحَارِثِ عِنْدَ أَبِي دَاوُد يَدُلُّ عَلَى الِاكْتِفَاءِ، فَإِنَّ فِيهِ أَنَّهُ أَذَّنَ قَبْلَ الْفَجْرِ بِأَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّهُ اسْتَأْذَنَهُ فِي الْإِقَامَةِ فَمَنَعَهُ إلَى أَنْ طَلَعَ الْفَجْرُ فَأَمَرَهُ، لَكِنْ فِي إسْنَادِهِ ضَعْفٌ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ. وَأَيْضًا فَهِيَ وَاقِعَةُ عَيْنٍ وَكَانَتْ فِي سَفَرٍ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: إنَّهُ مَذْهَبٌ وَاضِحٌ
وَيَدُلُّ أَيْضًا عَلَى عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ أَنَّ الْأَذَانَ الْمَذْكُورَ قَدْ بَيَّنَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْغَرَضَ بِهِ فَقَالَ: " لِيَرْجِعَ قَائِمُكُمْ " الْحَدِيثَ، فَهُوَ لِهَذِهِ الْأَغْرَاضِ الْمَذْكُورَةِ لَا لِلْإِعْلَامِ بِالْوَقْتِ، وَالْأَذَانُ هُوَ الْإِعْلَامُ بِدُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ بِأَلْفَاظٍ مَخْصُوصَةٍ، وَالْأَذَانُ قَبْلَ الْوَقْتِ لَيْسَ إعْلَامًا بِالْوَقْتِ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْإِعْلَامَ بِالْوَقْتِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ إعْلَامًا بِأَنَّهُ دَخَلَ أَوْ قَارَبَ أَنْ يَدْخُلَ: وَاحْتَجَّ الْمَانِعُونَ مِنْ الْأَذَانِ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ بِحُجَجٍ مِنْهَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِبِلَالٍ: «لَا تُؤَذِّنْ حَتَّى يَسْتَبِينَ لَك الْفَجْرُ، وَمَدَّ يَدَيْهِ عَرْضًا» أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَبِمَا أَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ بِلَالًا أَذَّنَ قَبْلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute