٥٠٠ - (وَعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَغُرَّنَّكُمْ مِنْ سَحُورِكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ، وَلَا بَيَاضُ الْأُفُقِ الْمُسْتَطِيلِ هَكَذَا حَتَّى يَسْتَطِيرَ هَكَذَا، يَعْنِي مُعْتَرِضًا» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَلَفْظُهُمَا: «لَا يَمْنَعَنَّكُمْ مِنْ سَحُوركُمْ أَذَانُ بِلَالٍ، وَلَا الْفَجْرُ الْمُسْتَطِيلُ، وَلَكِنْ الْفَجْرُ الْمُسْتَطِيرُ فِي الْأُفُقِ» )
ــ
[نيل الأوطار]
طُلُوعِ الْفَجْرِ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَرْجِعَ فَيُنَادِيَ أَلَا إنَّ الْعَبْدَ نَامَ»
قَالُوا: فَوَجَبَ تَأْوِيلُ حَدِيثِ الْبَابِ بِمَا قَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ: إنَّ النِّدَاءَ قَبْلَ الْفَجْرِ لَمْ يَكُنْ بِأَلْفَاظِ الْأَذَانِ، وَإِنَّمَا كَانَ تَذْكِيرًا كَمَا يَقَعُ لِلنَّاسِ الْيَوْمَ، وَأُجِيبَ عَنْ الِاحْتِجَاجِ بِالْحَدِيثَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ بِأَنَّ الْأَوَّلَ مِنْهُمَا لَا يَنْتَهِضُ لِمُعَارَضَةِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ لَا سِيَّمَا مَعَ إشْعَارِ الْحَدِيثِ بِالِاعْتِيَادِ. وَأَمَّا الثَّانِي فَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّهُ قَدْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ مَوْقُوفٌ أَكَابِرُ الْأَئِمَّةِ كَأَحْمَدَ وَالْبُخَارِيِّ وَالذُّهْلِيِّ وَأَبِي دَاوُد وَأَبِي حَاتِمٍ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْأَثْرَمِ وَالتِّرْمِذِيِّ، وَجَزَمُوا بِأَنَّ حَمَّادًا أَخْطَأَ فِي رَفْعِهِ وَأَنَّ الصَّوَابَ وَقْفُهُ، وَأَمَّا التَّأْوِيلُ الْمَذْكُورُ فَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ: إنَّهُ مَرْدُودٌ لِأَنَّ الَّذِي يَصْنَعُهُ النَّاسُ الْيَوْمَ مُحْدَثٌ قَطْعًا، تَضَافَرَتْ الْأَحَادِيثُ عَلَى التَّعْبِيرِ بِلَفْظِ الْأَذَانِ قَطْعًا فَحَمْلُهُ عَلَى مَعْنَاهُ الشَّرْعِيِّ مُقَدَّمٌ، وَلِأَنَّ الْأَذَانَ الْأَوَّلَ لَوْ كَانَ بِأَلْفَاظٍ مَخْصُوصَةٍ لَمَا اُلْتُبِسَ عَلَى السَّامِعِينَ، وَالْحَدِيثُ لَيْسَ فِيهِ تَعْيِينُ الْوَقْتِ الَّذِي كَانَ بِلَالٌ يُؤَذِّنُ فِيهِ
وَقَدْ اُخْتُلِفَ مِنْ أَيِّ وَقْتٍ يُشْرَعُ فِي ذَلِكَ فَقِيلَ: إنَّهُ يُشْرَعُ وَقْتَ السَّحَرِ وَرَجَّحَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ. وَقِيلَ: إنَّهُ يُشْرَعُ مِنْ النِّصْفِ الْأَخِيرِ، وَرَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَتَأَوَّلَ مَا خَالَفَهُ، وَقِيلَ: يُشْرَعُ لِلسُّبْعِ الْأَخِيرِ فِي الشِّتَاءِ وَفِي الصَّيْفِ لِنِصْفِ السُّبْعِ قَالَ الْجُوَيْنِيُّ. وَقِيلَ: وَقْتُهُ اللَّيْلُ جَمِيعُهُ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْعُمْدَةِ وَكَأَنَّ مُسْنَدَهُ إطْلَاقُ لَفْظِ بِلَيْلٍ. وَقِيلَ: بَعْدَ آخِرِ اخْتِيَارِ الْعِشَاءِ، وَقَدْ وَرَدَ مَا يُشْعِرُ بِتَعْيِينِ الْوَقْتِ الَّذِي كَانَ بِلَالٌ يُؤَذِّنُ فِيهِ، وَهُوَ مَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَالطَّحَاوِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ " أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ أَذَانِ بِلَالٍ وَابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ إلَّا أَنْ يَرْقَى هَذَا وَيَنْزِلَ هَذَا " وَكَانَا يُؤَذِّنَانِ فِي بَيْتٍ مُرْتَفِعٍ، كَمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تُقَيِّدُ إطْلَاقَ سَائِرِ الرِّوَايَاتِ
وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ أَنَّ بِلَالًا وَابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ كَانَا يَقْصِدَانِ وَقْتًا وَاحِدًا فَيُخْطِئُهُ بِلَالٌ وَيُصِيبُهُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ. وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي أَذَانِ بِلَالٍ بِلَيْلٍ هَلْ كَانَ فِي رَمَضَانَ فَقَطْ أَمْ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ؟ فَادَّعَى ابْنُ الْقَطَّانِ الْأَوَّلَ، قَالَ الْحَافِظُ: وَفِيهِ نَظَرٌ. وَالْحِكْمَةُ فِي اخْتِصَاصِ صَلَاةِ الْفَجْرِ لِهَذَا مِنْ بَيْنِ الصَّلَوَاتِ مَا وَرَدَ مِنْ التَّرْغِيبِ فِي الصَّلَاةِ لِأَوَّلِ الْوَقْتِ، وَالصُّبْحُ يَأْتِي غَالِبًا عَقِيبَ النَّوْمِ فَنَاسَبَ أَنْ يُنَصَّبَ مَنْ يُوقِظُ النَّاسَ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا لِيَتَأَهَّبُوا أَوْ يُدْرِكُوا فَضِيلَةَ الْوَقْتِ.
٥٠٠ - (وَعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَغُرَّنَّكُمْ مِنْ سَحُورِكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ، وَلَا بَيَاضُ الْأُفُقِ الْمُسْتَطِيلِ هَكَذَا حَتَّى يَسْتَطِيرَ هَكَذَا، يَعْنِي مُعْتَرِضًا» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَلَفْظُهُمَا: «لَا يَمْنَعَنَّكُمْ مِنْ سَحُوركُمْ أَذَانُ بِلَالٍ، وَلَا الْفَجْرُ الْمُسْتَطِيلُ، وَلَكِنْ الْفَجْرُ الْمُسْتَطِيرُ فِي الْأُفُقِ» ) .
٥٠١ - (وَعَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: إنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِأَحْمَدَ وَالْبُخَارِيِّ «فَإِنَّهُ لَا يُؤَذِّنُ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ» وَلِمُسْلِمٍ «وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يَنْزِلَ هَذَا وَيَرْقَى هَذَا» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute