للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥٠١ - (وَعَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: إنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِأَحْمَدَ وَالْبُخَارِيِّ «فَإِنَّهُ لَا يُؤَذِّنُ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ» وَلِمُسْلِمٍ «وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يَنْزِلَ هَذَا وَيَرْقَى هَذَا»

ــ

[نيل الأوطار]

قَوْلُهُ: (الْمُسْتَطِيلُ هَكَذَا حَتَّى يَسْتَطِيرَ هَكَذَا) صِفَةُ هَذِهِ الْإِشَارَةِ مُبَيَّنَةٌ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ فِي الصَّوْمِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ بِلَفْظِ: «وَلَيْسَ أَنْ يَقُولَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَصَوَّبَ يَدَهُ رَفَعَهَا حَتَّى يَقُولَ هَكَذَا وَفَرَّجَ بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ وَفِي رِوَايَةٍ لَيْسَ الَّذِي يَقُولُ هَكَذَا أَوْ جَمَعَ أَصَابِعَهُ ثُمَّ نَكَّسَهَا إلَى الْأَرْضِ، وَلَكِنْ الَّذِي يَقُولُ هَكَذَا وَجَمَعَ أَصَابِعَهُ وَوَضَعَ الْمُسَبِّحَةَ عَلَى الْمُسَبِّحَةِ وَمَدَّ يَدَيْهِ وَفِي رِوَايَةٍ لَيْسَ الَّذِي يَقُولُ هَكَذَا، وَلَكِنْ يَقُولُ هَكَذَا» وَفَسَّرَهَا جَرِيرٌ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْفَجْرَ هُوَ الْمُعْتَرِضُ وَلَيْسَ بِالْمُسْتَطِيلِ، وَالْمُعْتَرِضُ هُوَ الْفَجْرُ الصَّادِقُ، وَيُقَالُ لَهُ: الثَّانِي، وَالْمُسْتَطِيرُ بِالرَّاءِ، وَأَمَّا الْمُسْتَطِيلُ بِاللَّامِ فَهُوَ الْفَجْرُ الْكَاذِبُ الَّذِي يَكُونُ كَذَنَبِ السِّرْحَانِ وَفِي الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ «وَلَيْسَ أَنْ يَقُولَ الْفَجْرُ أَوْ الصُّبْحُ وَقَالَ بِأَصَابِعِهِ وَرَفَعَهَا إلَى فَوْقُ وَطَأْطَأَ إلَى أَسْفَلَ حَتَّى يَقُولَ هَكَذَا» وَقَالَ زُهَيْرٌ بِسَبَّابَتَيْهِ إحْدَاهُمَا فَوْقَ الْأُخْرَى ثُمَّ أَمَرَّهُمَا عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ

قَوْلُهُ: (حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ) فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ " حَتَّى يُنَادِيَ " وَبِتِلْكَ الزِّيَادَةِ أَعْنِي قَوْلَهُ: " فَإِنَّهُ لَا يُؤَذِّنُ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ " أَوْرَدَهَا فِي الصِّيَامِ

قَوْلُهُ: " وَلِمُسْلِمٍ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا " هَذِهِ الزِّيَادَةُ ذَكَرَهَا مُسْلِمٌ فِي الصِّيَامِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَذَكَرَهَا الْبُخَارِيُّ فِي الصِّيَامِ مِنْ كَلَامِ الْقَاسِمِ، قَالَ الْحَافِظُ فِي أَبْوَابِ الْأَذَانِ مِنْ الْفَتْحِ: وَلَا يُقَالُ: إنَّهُ مُرْسَلٌ؛ لِأَنَّ الْقَاسِمَ. تَابِعِيٌّ فَلَمْ يُدْرِكْ الْقِصَّةَ الْمَذْكُورَةَ، لِأَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَ النَّسَائِيّ مِنْ رِوَايَةِ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ وَعِنْدَ الطَّحَاوِيِّ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ الْقَطَّانِ كِلَاهُمَا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ بِلَفْظِ: «وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يَنْزِلَ هَذَا وَيَصْعَدَ هَذَا»

قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: قَالَ الْعُلَمَاءُ: مَعْنَاهُ أَنَّ بِلَالًا كَانَ يُؤَذِّنُ قَبْلَ الْفَجْرِ وَيَتَرَبَّصُ بَعْدَ أَذَانِهِ لِلدُّعَاءِ وَنَحْوِهِ، ثُمَّ يَرْقُبُ الْفَجْرَ فَإِذَا قَارَبَ طُلُوعُهُ نَزَلَ فَأَخْبَرَ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَيَتَأَهَّبُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ بِالطَّهَارَةِ وَغَيْرِهَا ثُمَّ يَرْقَى وَيَشْرَعُ فِي الْأَذَانِ مَعَ أَوَّلِ طُلُوعِ الْفَجْرِ. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ اتِّخَاذِ مُؤَذِّنَيْنِ فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ، وَأَمَّا الزِّيَادَةُ فَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ تَعَرُّضٌ لَهَا، وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى أَرْبَعَةٍ؛ لِأَنَّ عُثْمَانَ اتَّخَذَ أَرْبَعَةً، وَلَمْ تُنْقَلْ الزِّيَادَةُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَجَوَّزَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ،

<<  <  ج: ص:  >  >>