للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ الذِّكْرِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ

٧٣٣ - (عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: «صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ: سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ وَفِي سُجُودِهِ سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى وَمَا مَرَّتْ بِهِ آيَةُ رَحْمَةٍ إلَّا وَقَفَ عِنْدَهَا يَسْأَلُ وَلَا آيَةُ عَذَابٍ إلَّا تَعَوَّذَ مِنْهَا» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ) .

ــ

[نيل الأوطار]

اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ إلَّا مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَبَعْضِ أَصْحَابِهِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُطَبِّقُونَ انْتَهَى، وَقَدْ رَوَى النَّوَوِيُّ عَنْ عَلْقَمَةَ وَالْأَسْوَدِ أَنَّهُمَا يَقُولُونَ بِمَشْرُوعِيَّةِ التَّطْبِيقِ. وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ عَنْ عَلْقَمَةَ وَالْأَسْوَدِ أَنَّهُمَا " دَخَلَا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، قَالَ: فَوَضَعْنَا أَيْدِيَنَا عَلَى رُكَبِنَا فَضَرَبَ بَيْنَ أَيْدِينَا ثُمَّ طَبَّقَ يَدَيْهِ ثُمَّ جَعَلَهَا بَيْنَ فَخِذَيْهِ، فَلَمَّا صَلَّى قَالَ هَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ".

وَرَوَى ابْنُ خُزَيْمَةَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: «إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ طَبَّقَ يَدَيْهِ بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ فَرَكَعَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ سَعْدًا فَقَالَ: صَدَقَ أَخِي كُنَّا نَفْعَلُ ذَلِكَ ثُمَّ أُمِرْنَا بِهَذَا» . يَعْنِي الْإِمْسَاكَ بِالرُّكَبِ؛ وَقَدْ اعْتَذَرَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَصَاحِبَيْهِ بِأَنَّ النَّاسِخَ لَمْ يَبْلُغْهُمْ

وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: إنَّمَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّةً: يَعْنِي التَّطْبِيقَ، قَالَ الْحَافِظُ: وَإِسْنَادُهُ قَوِيٌّ. وَاسْتَدَلَّ ابْنُ خُزَيْمَةَ بِقَوْلِهِ نُهِينَا عَلَى أَنَّ التَّطْبِيقَ غَيْرُ جَائِزٍ، قَالَ الْحَافِظُ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ حَمْلِ النَّهْيِ عَلَى الْكَرَاهَةِ، فَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: " إذَا رَكَعْتَ فَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ هَكَذَا: يَعْنِي وَضَعْتَ يَدَيْكَ عَلَى رُكْبَتَيْكَ، وَإِنْ شِئْتَ طَبَّقْتَ " وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ كَانَ يَرَى التَّخْيِيرَ أَوْ لَمْ يَبْلُغْهُ النَّاسِخُ، وَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ لِلنَّهْيِ عَلَى مَا هُوَ الْحَقُّ التَّحْرِيمُ، وَقَوْلُ الصَّحَابِيِّ لَا يَصْلُحُ قَرِينَةً لِصَرْفِهِ إلَى الْمَجَازِ.

[بَابُ الذِّكْرِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ]

الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا مُسْلِمٌ. قَوْلُهُ: (يَسْأَلُ) أَيْ الرَّحْمَةَ. قَوْلُهُ: (تَعَوَّذَ) أَيْ مِنْ الْعَذَابِ وَشَرِّ الْعِقَابِ. قَالَ ابْنُ رَسْلَانَ: وَلَا بِآيَةِ تَسْبِيحٍ إلَّا سَبَّحَ وَكَبَّرَ، وَلَا بِآيَةِ دُعَاءٍ وَاسْتِغْفَارٍ إلَّا دَعَا وَاسْتَغْفَرَ، وَإِنْ مَرَّ بِمَرْجُوٍّ سَأَلَ، يَفْعَلُ ذَلِكَ بِلِسَانِهِ أَوْ بِقَلْبِهِ. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ هَذَا التَّسْبِيحِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَقَدْ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَئِمَّةِ الْعِتْرَةِ وَغَيْرِهِمْ إلَى أَنَّهُ سُنَّةٌ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ: التَّسْبِيحُ وَاجِبٌ فَإِنْ تَرَكَهُ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ نَسِيَهُ لَمْ تَبْطُلْ. وَقَالَ الظَّاهِرِيُّ: وَاجِبٌ مُطْلَقًا وَأَشَارَ الْخَطَّابِيِّ فِي مَعَالِمِ السُّنَنِ إلَى اخْتِيَارِهِ

وَقَالَ أَحْمَدُ: التَّسْبِيحُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَقَوْلُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَرَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، وَالذِّكْرُ بَيْنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>