للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

السَّجْدَتَيْنِ، وَجَمِيعُ التَّكْبِيرَاتِ وَاجِبٌ، فَإِنْ تَرَكَ مِنْهُ شَيْئًا عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ نَسِيَهُ لَمْ تَبْطُلْ وَيَسْجُدْ لِلسَّهْوِ، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عَنْهُ، وَعَنْهُ رِوَايَةٌ أَنَّهُ سُنَّةٌ كَقَوْلِ الْجُمْهُورِ، وَقَدْ رُوِيَ الْقَوْلُ بِوُجُوبِ تَسْبِيحِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ عَنْ ابْنِ خُزَيْمَةَ. احْتَجَّ الْمُوجِبُونَ بِحَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْآتِي وَبِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» وَبِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَسَبِّحُوهُ} [الأحزاب: ٤٢] وَلَا وُجُوبَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ فِيهَا، وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْقِرَاءَةِ وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِحَدِيثِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَّمَهُ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ وَلَمْ يُعَلِّمْهُ هَذِهِ الْأَذْكَارَ، مَعَ أَنَّهُ عَلَّمَهُ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَالْقِرَاءَةَ فَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَذْكَارُ وَاجِبَةً لَعَلَّمَهُ إيَّاهَا، لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ لَا يَجُوزُ، فَيَكُونُ تَرْكُهُ لِتَعْلِيمِهِ دَالًّا عَلَى أَنَّ الْأَوَامِرَ الْوَارِدَةَ بِمَا زَادَ عَلَى مَا عَلَّمَهُ لِلِاسْتِحْبَابِ لَا لِلْوُجُوبِ

وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّسْبِيحَ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ يَكُونُ بِهَذَا اللَّفْظِ فَيَكُونُ مُفَسِّرًا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ عُقْبَةَ: «اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ، اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ» وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، وَبِهِ قَالَ جَمِيعُ مَنْ عَدَاهُمْ. وَقَالَ الْهَادِي وَالْقَاسِمُ وَالصَّادِقُ: إنَّهُ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ فِي الرُّكُوعِ. وَسُبْحَانَ اللَّهِ الْأَعْلَى وَبِحَمْدِهِ فِي السُّجُودِ. وَاسْتَدَلُّوا بِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة: ٧٤] وَ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى: ١] وَقَدْ أَمَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِجَعْلِ الْأُولَى فِي الرُّكُوعِ وَالثَّانِيَةِ فِي السُّجُودِ كَمَا سَيَأْتِي فِي حَدِيثِ عُقْبَةَ، وَلَكِنَّهُ لَا يَتِمُّ إلَّا عَلَى فَرْضِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ إلَّا اسْمٌ وَاحِدٌ، وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ لَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا بِالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ، وَأَنَّ لَهُ أَسْمَاءَ مُتَعَدِّدَةً بِصَرِيحِ الْقُرْآنِ {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الأعراف: ١٨٠] فَامْتِثَالُ مَا فِي الْآيَتَيْنِ يَحْصُلُ بِالْمَجِيءِ بِأَيِّ اسْمٍ مِنْهَا، مِثْلَ سُبْحَانَ رَبِّي، وَسُبْحَانَ اللَّهِ، وَسُبْحَانَ الْأَحَدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، لَكِنَّهُ قَدْ وَرَدَ مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا يَدُلُّ عَلَى بَيَانِ الْمُرَادِ مِنْ ذَلِكَ كَحَدِيثِ الْبَابِ وَغَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ وَرَدَ مِنْ قَوْلِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ كَحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ الْآتِي فَتَعَيَّنَ أَنَّ لَفْظَ الرَّبِّ هُوَ الْمُرَادُ

وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا أَلْزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْبَحْرِ مِنْ تِلَاوَةِ لَفْظِ الْآيَتَيْنِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَأَمَّا زِيَادَةُ وَبِحَمْدِهِ فَهِيَ عِنْدَ أَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ الْآتِي وَعِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ الْآتِي أَيْضًا. وَعِنْدَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ. وَعِنْدَ أَحْمَدَ وَالطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ. وَعِنْدَ الْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي جُحَيْفَةَ، وَلَكِنَّهُ قَالَ أَبُو دَاوُد بَعْدَ إخْرَاجِهِ لَهَا مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ: إنَّهُ يَخَافُ أَنْ لَا تَكُونَ مَحْفُوظَةً.

وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ السَّرِيِّ بْنِ إسْمَاعِيلَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

وَفِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى وَهُوَ ضَعِيفٌ.

وَفِي حَدِيثِ أَبِي مَالِكٍ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، وَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ السَّعْدِيِّ عَنْ أَبِيهِ بِدُونِهَا وَحَدِيثُ أَبِي جُحَيْفَةَ. قَالَ الْحَافِظُ: إسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، وَقَدْ أَنْكَرَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُ، وَلَكِنَّ هَذِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>