للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ النَّذْرِ

بَابُ نَذْرِ الطَّاعَةِ مُطْلَقًا وَمُعَلَّقًا بِشَرْطٍ

٣٨٤٣ - (عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلَا يَعْصِهِ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا مُسْلِمًا) .

٣٨٤٤ - (وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ النَّذْرِ وَقَالَ: إنَّهُ لَا يَرُدُّ شَيْئًا وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنْ الْبَخِيلِ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ، وَلِلْجَمَاعَةِ إلَّا أَبَا دَاوُد مِثْلُ مَعْنَاهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ) .

ــ

[نيل الأوطار]

[كِتَابُ النَّذْرِ] [بَابُ نَذْرِ الطَّاعَةِ مُطْلَقًا وَمُعَلَّقًا بِشَرْطٍ]

لَفْظُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «لَا يَأْتِي ابْنَ آدَمَ النَّذْرُ بِشَيْءٍ لَمْ أَكُنْ قَدَّرْتُهُ، وَلَكِنْ يُلْقِيهِ النَّذْرُ إلَى الْقَدَرِ فَيَسْتَخْرِجُ اللَّهُ فَيُؤْتِينِي عَلَيْهِ مَا لَمْ يَكُنْ يُؤْتِينِي عَلَيْهِ مِنْ قَبْلُ» : أَيْ يُعْطِينِي قَوْلُهُ: (فَلْيُطِعْهُ) الطَّاعَةُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ وَاجِبَةً أَوْ غَيْرَ وَاجِبَةٍ، وَيُتَصَوَّرُ النَّذْرُ فِي الْوَاجِبِ بِأَنْ يُوَقِّتَهُ كَمَنْ يَنْذِرُ أَنْ يُصَلِّيَ الصَّلَاةَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا فَيَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ بِقَدْرِ مَا أَقَّتَهُ

وَأَمَّا الْمُسْتَحَبُّ مِنْ جَمِيعِ الْعِبَادَاتِ الْمَالِيَّةِ وَالْبَدَنِيَّةِ فَيَنْقَلِبُ بِالنَّذْرِ وَاجِبًا وَيَتَقَيَّدُ بِمَا قُيِّدَ بِهِ النَّاذِرُ، وَالْخَبَرُ صَرِيحٌ فِي الْأَمْرِ بِالْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ إذَا كَانَ فِي طَاعَةٍ، وَفِي النَّهْيِ عَنْ الْوَفَاءِ بِهِ إذَا كَانَ فِي مَعْصِيَةٍ، وَهَلْ تَجِبُ فِي الثَّانِي كَفَّارَةُ يَمِينٍ أَوْ لَا؟ فِيهِ خِلَافٌ يَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ قَوْلُهُ: (إنَّهُ لَا يَرُدُّ شَيْئًا) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى تَعْلِيلِ النَّهْيِ عَنْ النَّذْرِ. وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا النَّهْيِ، فَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأَوَّلَهُ. قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ: تَكَرَّرَ النَّهْيُ عَنْ النَّذْرِ فِي الْحَدِيثِ وَهُوَ تَأْكِيدٌ لِأَمْرِهِ وَتَحْذِيرٌ عَنْ التَّهَاوُنِ بِهِ بَعْدَ إيجَابِهِ. وَلَوْ كَانَ مَعْنَاهُ الزَّجْرَ عَنْهُ حَتَّى لَا يَفْعَلَ لَكَانَ فِي ذَلِكَ إبْطَالُ حُكْمِهِ وَإِسْقَاطُ لُزُومِ الْوَفَاءِ بِهِ، إذْ يَصِيرُ بِالنَّهْيِ مَعْصِيَةً فَلَا يَلْزَمُ، وَإِنَّمَا وَجْهُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَدْ أَعْلَمَهُمْ أَنَّ ذَلِكَ الْأَمْرَ لَا يَجُرُّ إلَيْهِمْ فِي الْعَاجِلِ نَفْعًا وَلَا يَصْرِفُ عَنْهُمْ ضَرَرًا وَلَا يُغَيِّرُ قَضَاءً، فَقَالَ: لَا تَنْذِرُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>