للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ التَّكْبِيرِ لِلسُّجُودِ وَمَا يَقُولُ فِيهِ

١٠١٠ - (عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأُ عَلَيْنَا الْقُرْآنَ، فَإِذَا مَرَّ بِالسَّجْدَةِ كَبَّرَ وَسَجَدَ وَسَجَدْنَا» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) .

ــ

[نيل الأوطار]

فَلَا يَكُون وَاجِبًا. وَأَجَابَ مَنْ أَوْجَبَهُ بِأَنَّ الْمَعْنَى إلَّا أَنْ نَشَاءَ قِرَاءَتهَا فَتَجِبَ. قَالَ الْحَافِظُ: وَلَا يَخْفَى بَعْدَهُ. وَيَرُدُّهُ أَيْضًا قَوْلُهُ: " فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ " فَإِنَّ انْتِفَاءَ الْإِثْمِ عَمَّنْ تَرَكَ الْفِعْلَ مُخْتَارًا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ.

وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى وُجُوبِ إتْمَامِ السُّجُودِ مَنْ شَرَعَ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ: (لَمْ يُفْرَضْ) . وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ، وَمَعْنَاهُ: لَكِنَّ ذَلِكَ مَوْكُولٌ إلَى مَشِيئَةِ الْمَرْءِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: " وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ ".

لَا يُقَالُ الِاسْتِدْلَال بِقَوْلِ عُمَرَ عَدَمِ الْوُجُوبِ لَا يَكُونُ مُثْبِتًا لِلْمَطْلُوبِ لِأَنَّهُ قَوْلُ صَحَابِيٍّ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ. لِأَنَّهُ يُقَالُ أَوَّلًا: إنَّ الْقَائِلَ بِالْوُجُوبِ وَهُمْ الْحَنَفِيَّةُ يَقُولُونَ بِحُجِّيَّةِ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ، وَثَانِيًا: أَنَّ تَصْرِيحَهُ بِعَدَمِ الْفَرْضِيَّةِ وَبِعَدَمِ الْإِثْمِ عَلَى التَّارِك فِي مِثْلِ هَذَا الْجَمْعِ مِنْ دُون صُدُورِ إنْكَارٍ يَدُلُّ عَلَى إجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَى ذَلِكَ، وَالْأَثَرُ أَيْضًا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الْخُطْبَةِ وَجَوَازِ نُزُولِ الْخَطِيبِ عَنْ الْمِنْبَرِ وَسُجُودِهِ إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ السُّجُودِ فَوْقَ الْمِنْبَرِ.

وَعَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَقْرَأُ فِي خُطْبَتِهِ وَلَا يَسْجُدُ، وَهَذَا الْأَثَرُ وَارِدٌ عَلَيْهِ

[بَابُ التَّكْبِيرِ لِلسُّجُودِ وَمَا يَقُولُ فِيهِ]

الْحَدِيثُ فِي إسْنَادِهِ الْعُمَرِيُّ عَبْدُ اللَّهِ الْمُكَبِّرُ وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي رِوَايَةِ الْعُمَرِيِّ أَيْضًا لَكِنْ وَقَعَ عِنْده مُصَغَّرًا وَالْمُصَغَّر ثِقَةٌ، وَلِهَذَا قَالَ: عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ. قَالَ الْحَافِظُ: وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظٍ آخَرَ، قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: كَانَ الثَّوْرِيّ يُعْجِبُهُ هَذَا الْحَدِيثُ، وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ لِعَبْدِ اللَّهِ الْعُمَرِيِّ الْمَذْكُورِ فِي صَحِيحِهِ لَكِنْ مَقْرُونًا بِأَخِيهِ عُبَيْدِ اللَّهِ. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُشْرَعُ التَّكْبِيرُ لِسُجُودِ التِّلَاوَةِ وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَتْ الْهَادَوِيَّةُ وَبَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، قَالَ أَبُو طَالِبٍ: وَيُكَبِّرُ بَعْدَ تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ تَكْبِيرَةً أُخْرَى لِلنَّقْلِ. وَحُكِيَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْعِتْرَةِ: أَنَّهُ لَا تَشَهُّدَ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ وَلَا تَسْلِيمَ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ بَلْ يَتَشَهَّد وَيُسَلِّم كَالصَّلَاةِ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: يُسَلِّمُ قِيَاسًا لِلتَّحْلِيلِ عَلَى التَّحْرِيمِ وَلَا يَتَشَهَّدُ إذْ لَا دَلِيلَ. وَلَهُمْ فِي السَّائِر وَجْهَانِ: يُومِئُ لِلْعُذْرِ، وَيَسْجُدُ، إذْ الْإِيمَاءُ لَيْسَ بِسُجُودٍ.

وَفِي الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِالرُّكُوعِ قَوْلَانِ الْهَادَوِيَّةُ وَالشَّافِعِيُّ، لَا يُغْنِي إذَا لَمْ يُؤَثِّرْ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُغْنِي إذْ الْقَصْدُ الْخُضُوعُ. .

<<  <  ج: ص:  >  >>