٣٢٩٨ - (وَعَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: «لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ خَرَجَ النَّاسُ يَتَلَقَّوْنَهُ مِنْ ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ، قَالَ السَّائِبُ: فَخَرَجْت مَعَ النَّاسِ وَأَنَا غُلَامٌ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَلِلْبُخَارِيِّ نَحْوَهُ) .
٣٢٩٩ - (وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «مَشَى مَعَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى بَقِيعِ الْغَرْقَدِ ثُمَّ وَجَّهَهُمْ ثُمَّ قَالَ: انْطَلِقُوا عَلَى اسْمِ اللَّهِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ أَعِنْهُمْ يَعْنِي النَّفَرَ الَّذِينَ وَجَّهَهُمْ إلَى كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ) .
بَاب اسْتِصْحَاب النِّسَاء لِمَصْلَحَةِ الْمَرْضَى وَالْجَرْحَى وَالْخِدْمَة
ــ
[نيل الأوطار]
[بَاب مَا جَاءَ فِي تَشْيِيع الْغَازِي وَاسْتِقْبَاله]
حَدِيثُ مُعَاذٍ فِي إسْنَادِهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَفِي إسْنَادِهِ أَيْضًا رَجُل لَمْ يُسَمَّ. وَقَدْ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ.
وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي إسْنَادِهِ ابْنُ إِسْحَاقَ وَهُوَ مُدَلِّسٌ، وَبَقِيَّةُ إسْنَادِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ. وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ، وَفِي الْبَابِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَابْنَ جَعْفَرٍ وَابْنَ عَبَّاسٍ لَقُوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ قَادِمٌ فَحَمَلَ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ وَتَرَكَ الثَّالِثَ» وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ: «لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَكَّةَ اسْتَقْبَلَهُ أُغَيْلِمَةٌ لِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَحَمَلَ وَاحِدًا بَيْنَ يَدَيْهِ وَآخَرَ خَلْفَهُ» ، وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَمَلَهُ خَلْفَهُ، وَحَمَلَ قُثَمَ بْنَ عَبَّاسٍ بَيْنَ يَدَيْهِ» . قَوْلُهُ: (أُشَيِّعَ غَازِيًا) التَّشْيِيعُ: الْخُرُوجُ مَعَ الْمُسَافِرِ لِتَوْدِيعِهِ، يُقَال: شَيَّعَ فُلَانًا: خَرَجَ مَعَهُ لِيُوَدِّعَهُ وَيُبْلِغَهُ مَنْزِلَهُ. قَوْلُهُ: (أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا) قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى مِثْل هَذِهِ الْعِبَارَةِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْجِهَادِ.
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ التَّرْغِيبُ فِي تَشْيِيعِ الْغَازِي وَإِعَانَتِهِ عَلَى بَعْضِ مَا يَحْتَاجُ إلَى الْقِيَامِ بِمُؤْنَتِهِ، لِأَنَّ الْجِهَادَ مِنْ أَفْضَلِ الْعِبَادَاتِ، وَالْمُشَارَكَةُ فِي مُقَدِّمَاتِهِ مِنْ أَفْضَلِ الْمُشَارَكَاتِ.
قَوْلُهُ: (مِنْ ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الثَّنِيَّةُ: الْعَقَبَةُ أَوْ طَرِيقُهَا أَوْ الْجَبَلُ أَوْ الطَّرِيقُ فِيهِ أَوْ إلَيْهِ انْتَهَى. قَالَ فِي الْقَامُوسِ أَيْضًا: وَثَنِيَّةُ الْوَدَاعِ بِالْمَدِينَةِ سُمِّيَتْ لِأَنَّ مَنْ سَافَرَ إلَى مَكَّةَ كَانَ يُوَدَّعُ ثَمَّ وَيُشَيَّعُ إلَيْهَا، انْتَهَى. قَوْلُهُ: (بَقِيعِ الْغَرْقَدِ) قَدْ تَقَدَّمَ ضَبْطُهُ وَتَفْسِيرُهُ.
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ تَلَقِّي الْغَازِي إلَى خَارِجِ الْبَلَدِ لِمَا فِي الِاتِّصَال بِهِ مِنْ الْبَرَكَةِ وَالتَّيَمُّنِ بِطَلْعَتِهِ، فَإِنَّهُ فِي تِلْكَ الْحَالِ مِمَّنْ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّأْنِيسِ لَهُ وَالتَّطْيِيبِ لِخَاطِرِهِ وَالتَّرْغِيبِ لِمَنْ كَانَ قَاعِدًا فِي الْغَزْوِ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ: اللَّهُمَّ أَعِنْهُمْ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ الدُّعَاءِ لِلْغُزَاةِ وَطَلَبِ الْإِعَانَةِ مِنْ اللَّهِ لَهُمْ، فَإِنَّ مَنْ كَانَ مَلْحُوظًا بِعَيْنِ الْعِنَايَةِ الرَّبَّانِيَّةِ وَمَحُوطًا بِالْعِنَايَةِ الْإِلَهِيَّةِ ظَفِرَ بِمُرَادِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute