للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٢٩٧ - (عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لَأَنْ أُشَيِّعَ غَازِيًا فَأَكْفِيَهُ فِي رَحْلَهُ غَدْوَةً أَوْ رَوْحَةً أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ) .

ــ

[نيل الأوطار]

الِاثْنَانِ إذَا مَاتَا أَوْ أَحَدُهُمَا لَمْ يَجِدْ الْآخَرُ مَنْ يُعِينُهُ، بِخِلَافِ الثَّلَاثَةِ فَفِي الْغَالِبِ تُؤْمَنُ الْوَحْشَةُ وَالْخَشْيَةُ.

وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي الْوَحْدَةِ مَا أَعْلَمُ مَا سَارَ رَاكِبٌ بِلَيْلٍ وَحْدَهُ» . وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ «أَنَّ الزُّبَيْرَ اُنْتُدِبَ وَحْدَهُ لِيَأْتِيَ النَّبِيَّ بِخَبَرِ بَنِي قُرَيْظَةَ» . قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: السَّيْرُ لِمَصْلَحَةِ الْحَرْبِ أَخَصُّ مِنْ السَّفَرِ، فَيَجُوزُ السَّفَرُ لِلْمُنْفَرِدِ لِلضَّرُورَةِ وَالْمَصْلَحَةِ الَّتِي لَا تَنْتَظِمُ إلَّا بِالْإِفْرَادِ، كَإِرْسَالِ الْجَاسُوسِ وَالطَّلِيعَةِ، وَالْكَرَاهَةُ لِمَا عَدَا ذَلِكَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ حَالَةُ الْجَوَازِ مُقَيَّدَةٌ بِالْحَاجَةِ عِنْدَ الْأَمْنِ، وَحَالَةُ الْمَنْعِ مُقَيَّدَةٌ بِالْخَوْفِ حَيْثُ لَا ضَرُورَةَ.

وَقَدْ وَقَعَ فِي كُتُبِ الْمَغَازِي بَعْثُ جَمَاعَةٍ مُنْفَرِدِينَ مِنْهُمْ: حُذَيْفَةُ وَنُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٌ وَخَوَّاتُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ وَسَالِمُ بْنُ عُمَيْرٍ وَبُسْبَسَةُ وَغَيْرُهُمْ، وَعَلَى هَذَا فَوُجُودُ أَهْلِ الْخَيْرِ فِي سَائِرِ الْأَسْفَارِ غَيْرَ سَفَرِ الْحَرْبِ وَنَحْوِهِ إنَّمَا هُوَ فِي الثَّلَاثَةِ دُونَ الْوَاحِدَةِ وَالِاثْنَيْنِ، وَالْأَرْبَعَةُ خَيْرٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ الْبَابِ

قَوْلُهُ: (وَخَيْرُ الْجُيُوشِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ) ظَاهِرُ هَذَا أَنَّ هَذَا الْجَيْشَ خَيْرٌ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ الْجُيُوشِ سَوَاءٌ كَانَ أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرَ، وَلَكِنَّ الْأَكْثَرَ إذَا بَلَغَ إلَى اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا لَمْ يُغْلَبْ مِنْ قِلَّةٍ، وَلَيْسَ بِخَيْرٍ مِنْ أَرْبَعَةِ آلَافٍ وَإِنْ كَانَتْ تُغْلَبُ مِنْ قِلَّةٍ كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ مَفْهُومُ الْعَدَدِ. قَوْلُهُ: (رَايَةُ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَوْدَاءُ وَلِوَاؤُهُ أَبْيَضُ) اللِّوَاءُ بِكَسْرِ اللَّامِ وَالْمَدِّ هُوَ الرَّايَةُ وَيُسَمَّى أَيْضًا الْعَلَمَ، وَكَانَ الْأَصْلُ أَنْ يُمْسِكَهَا رَئِيسُ الْجَيْشِ ثُمَّ صَارَتْ تُحْمَلُ عَلَى رَأْسِهِ، كَذَا فِي الْفَتْحِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ: اللِّوَاءُ غَيْرُ الرَّايَةِ، فَاللِّوَاءُ مَا يُعْقَدُ فِي طَرَفِ الرُّمْحِ وَيُلْوَى عَلَيْهِ، وَالرَّايَةُ مَا يُعْقَدُ فِيهِ وَيُتْرَكُ حَتَّى تُصَفِّقَهُ الرِّيَاحُ. وَقِيلَ: اللِّوَاءُ دُونَ الرَّايَةِ. وَقِيلَ اللِّوَاءُ: الْعَلَمُ الضَّخْمُ وَالْعَلَمُ: عَلَامَةٌ لِمَحَلِّ الْأَمِيرِ يَدُورُ مَعَهُ حَيْثُ دَارَ، وَالرَّايَةُ يَتَوَلَّاهَا صَاحِبُ الْحَرْبِ، وَجَنَحَ التِّرْمِذِيُّ إلَى التَّفْرِقَة فَتَرْجَمَ الْأَلْوِيَةَ وَأَوْرَدَ حَدِيثَ جَابِرٍ الْمُتَقَدِّمَ ثُمَّ تَرْجَمَ الرَّايَاتِ وَأَوْرَدَ حَدِيثَ الْبَرَاءِ الْمُتَقَدِّمَ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (مِنْ نَمِرَةٍ) هِيَ ثَوْبُ حِبَرَةٍ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: النُّمْرَة بِالضَّمِّ النُّكْتَةُ مِنْ أَيِّ لَوْنٍ كَانَ وَالْأَنْمَرُ: مَا فِيهِ نُمْرَةٌ بَيْضَاءُ وَأُخْرَى سَوْدَاءُ، ثُمَّ قَالَ: وَالنَّمِرَةُ: الْحِبَرَةُ، وَشَمْلَةٌ فِيهَا خُطُوطٌ بِيضٌ وَسُودٌ، أَوْ بُرْدَةٌ مِنْ صُوفٍ يَلْبَسُهَا الْأَعْرَابُ انْتَهَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>