للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَاب مَا جَاءَ فِي تَشْيِيع الْغَازِي وَاسْتِقْبَاله

ــ

[نيل الأوطار]

عَنْ شَرِيكٍ. قَالَ: وَسَأَلْت مُحَمَّدًا، يَعْنِي الْبُخَارِيَّ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَلَمْ يَعْرِفْهُ إلَّا مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ آدَمَ عَنْ شَرِيكٍ.

وَحَدِيثُ الْحَارِثِ بْنِ حَسَّانٍ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ حَسَّانٍ فَذَكَرَهُ، وَهَؤُلَاءِ رِجَالُ الصَّحِيحِ. وَهَذَا الْحَدِيث إنَّمَا أَشَارَ إلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ إشَارَةً لِأَنَّهُ قَالَ بَعْدَ إخْرَاجِ حَدِيثِ الْبَرَاءِ الْمَذْكُورِ مَا لَفْظُهُ: وَفِي الْبَابِ عَنْ عَلِيٍّ وَالْحَارِثِ بْنِ حَسَّانٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ اللَّفْظَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَنَسَبَهُ إلَيْهِ، وَلَعَلَّهُ ذَكَرَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ جَامِعِهِ.

وَحَدِيثُ الْبَرَاءِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ بَعْدَ إخْرَاجِهِ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي زَائِدَةَ انْتَهَى. وَفِي إسْنَادِهِ أَبُو يَعْقُوبَ الثَّقَفِيُّ، وَاسْمُهُ إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ الْجُرْجَانِيُّ: رَوَى عَنْ الثِّقَاتِ مَا لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَيْضًا: وَأَحَادِيثُهُ غَيْرُ مَحْفُوظَةٍ، انْتَهَى.

وَفِي الْبَابِ عَنْ سَلَمَةَ فِي الصَّحِيحَيْنِ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، فَأَعْطَاهَا عَلِيًّا» وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ الْغَفَرِيِّ عِنْدَ ابْنِ السَّكَنِ قَالَ: «عَقَدَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَايَاتِ الْأَنْصَارِ وَجَعَلَهُنَّ صُفْرًا» وَعَنْ أَنَسٍ عِنْدَ النَّسَائِيّ «أَنَّ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ كَانَتْ مَعَهُ رَايَةٌ سَوْدَاءُ فِي بَعْضِ مَشَاهِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: صَحِيحٌ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ ابْنِ عَدِيٍّ، وَعَنْ بُرَيْدَةَ عِنْدَ أَبِي يَعْلَى، وَعَنْ أَنَسٍ حَدِيثٌ آخَرُ عِنْدَ أَبِي يَعْلَى رَفَعَهُ: «أَنَّ اللَّهَ أَكْرَمَ أُمَّتِي بِالْأَلْوِيَةِ» وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ غَيْرُ مَا تَقَدَّمَ عِنْدَ أَبِي الشَّيْخِ بِلَفْظِ «كَانَ مَكْتُوبًا عَلَى رَايَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ» وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (خَيْرُ الصَّحَابَةِ أَرْبَعَةٌ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ خَيْرَ الصَّحَابَةِ أَرْبَعَةُ أَنْفَارٍ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ مَا دُونَ الْأَرْبَعَةِ مِنْ الصَّحَابَةِ مَوْجُودٌ فِيهَا أَصْلُ الْخَيْرِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ السَّفَرِ وَالْحَضَرِ.

وَلَكِنَّهُ قَدْ أَخْرَجَ أَهْلُ السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا: «الرَّاكِبُ شَيْطَانٌ، وَالرَّاكِبَانِ شَيْطَانَانِ، وَالثَّلَاثَةُ رَكْبٌ» وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَابْنُ خُزَيْمَةَ. وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَصَحَّحَهُ، وَظَاهِرهُ أَنَّ مَا دُونَ الثَّلَاثَةِ عُصَاةٌ: لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: شَيْطَانٌ: أَيْ عَاصٍ. وَقَالَ الطَّبَرِيُّ هَذَا الزَّجْرُ زَجْرُ أَدَبٍ وَإِرْشَادٍ لِمَا يُخْشَى عَلَى الْوَاحِدِ مِنْ الْوَحْشَةِ وَالْوَحْدَةِ، وَلَيْسَ بِحَرَامٍ فَالسَّائِرُ وَحْدَهُ فِي فَلَاةٍ، وَكَذَا الْبَائِتُ فِي بَيْتٍ وَحْدَهُ لَا يَأْمَنُ مِنْ الِاسْتِيحَاشِ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ ذَا فِكْرَةٍ رَدِيئَةٍ وَقَلْبٍ ضَعِيفٍ.

وَالْحَقُّ أَنَّ النَّاسَ يَتَبَايَنُونَ فِي ذَلِكَ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الزَّجْرُ عَنْهُ لِحَسْمِ الْمَادَّةِ فَلَا يَتَنَاوَلُ مَا إذَا وَقَعَتْ الْحَاجَةُ لِذَلِكَ. وَقِيلَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ: " الرَّاكِبُ شَيْطَانٌ: أَيْ سَفَرُهُ وَحْدَهُ يَحْمِلُهُ عَلَيْهِ الشَّيْطَانُ، أَوْ أَشْبَهَ الشَّيْطَانَ فِي فِعْلِهِ. وَقِيلَ: إنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَوْ مَاتَ فِي سَفَرِهِ ذَلِكَ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَقُومُ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>