للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ إخْفَاءِ التَّطَوُّعِ وَجَوَازُهُ جَمَاعَةً

٩٧١ - (عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ صَلَاةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ لَكِنَّ لَهُ مَعْنَاهُ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ) .

ــ

[نيل الأوطار]

وَهُوَ ضَعِيفٌ

وَكَذَلِكَ أَيْضًا لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْعَبْدِ أَقْرَبَ إلَى رَبِّهِ حَالَ سُجُودِهِ أَفْضَلِيَّتُهُ عَلَى الْقِيَامِ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ إجَابَة الدُّعَاءِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: الظَّاهِرُ أَنَّ أَحَادِيثَ أَفْضَلِيَّةِ طُولِ الْقِيَامِ مَحْمُولَةٌ عَلَى صَلَاةِ النَّفْلِ الَّتِي لَا تُشْرَعُ فِيهَا الْجَمَاعَةُ وَعَلَى صَلَاةِ الْمُنْفَرِدِ. فَأَمَّا الْإِمَامُ فِي الْفَرَائِضِ وَالنَّوَافِلِ فَهُوَ مَأْمُورٌ بِالتَّخْفِيفِ الْمَشْرُوعِ إلَّا إذَا عَلِمَ مِنْ حَالِ الْمَأْمُومِينَ الْمَحْصُورِينَ إيثَارَ التَّطْوِيلِ، وَلَمْ يَحْدُث مَا يَقْتَضِي التَّخْفِيفَ مِنْ بُكَاءِ صَبِيٍّ وَنَحْوِهِ فَلَا بَأْسَ بِالتَّطْوِيلِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ صَلَاتُهُ فِي الْمَغْرِبِ بِالْأَعْرَافِ كَمَا تَقَدَّمَ.

فِي الْبَابِ عَنْ أَنَسٍ عِنْدَ الْبَزَّارِ وَأَبِي يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ مِثْلُ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ. وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ بِنَحْوِهِ. وَعَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ أَيْضًا بِنَحْوِهِ، وَفِي إسْنَادِهِ سُلَيْمَانُ بْنُ الْحَكَمِ وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَعَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْكَبِيرِ بِنَحْوِهِ، وَفِي إسْنَادِهِ أَبُو قَتَادَةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ وَاقِدٍ الْحَرَّانِيِّ ضَعَّفَهُ الْبُخَارِيُّ وَالْجُمْهُورُ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ وَقَالَ: رُبَّمَا أَخْطَأَ. وَعَنْ عَائِشَةَ عِنْدِ الْبُخَارِيِّ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُومُ حَتَّى تَنْفَطِرَ قَدَمَاهُ» الْحَدِيث

وَعَنْهَا حَدِيثٌ آخِرُ عِنْدَ أَبِي دَاوُد " إنَّ أَوَّلَ سُورَةِ الْمُزَّمِّلِ نَزَلَتْ، فَقَامَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى انْتَفَخَتْ أَقْدَامُهُمْ " وَعَنْ سَفِينَةَ عِنْدَ الْبَزَّارِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَعَبَّدَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ وَاعْتَزَلَ النِّسَاءَ حَتَّى صَارَ كَأَنَّهُ شَنٌّ» قَوْله: (حَتَّى تَرِمَ قَدَمَاهُ) الْوَرَمُ الِانْتِفَاخُ قَوْلُهُ: (أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا) فِيهِ أَنَّ الشُّكْرَ يَكُونُ بِالْعَمَلِ كَمَا يَكُونُ بِاللِّسَانِ

وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا} [سبأ: ١٣] ، وَالْحَدِيث يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ اجْتِهَادِ النَّفْسِ فِي الْعِبَادَةِ مِنْ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا مَا لَمْ يُؤَدِّهِ ذَلِكَ إلَى الْمَلَالِ وَكَانَتْ حَالَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكْمَلَ الْأَحْوَالِ، فَكَانَ لَا يَمَلُّ مِنْ عِبَادَةِ رَبِّهِ، بَلْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ قُرَّةُ عَيْنِهِ وَرَاحَتُهُ كَمَا قَالَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ النَّسَائِيّ عَنْ أَنَسٍ " وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ " وَكَمَا قَالَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُد «أَرِحْنَا بِهَا يَا بِلَالُ» .

[بَابُ إخْفَاءِ التَّطَوُّعِ وَجَوَازُهُ جَمَاعَةً]

حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَخْرَجَهُ أَيْضًا التِّرْمِذِيُّ فِي الشَّمَائِلِ، وَلَفْظُهُ: " قَالَ: «سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَيُّمَا أَفْضَلُ: الصَّلَاةُ فِي بَيْتِي أَوْ الصَّلَاةُ فِي الْمَسْجِدِ؟ قَالَ: أَلَا تَرَى إلَى بَيْتِي مَا أَقْرَبَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ، فَلَأَنْ أُصَلِّيَ فِي بَيْتِي أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أُصَلِّيَ فِي الْمَسْجِدِ إلَّا أَنْ تَكُونَ صَلَاةً مَكْتُوبَةً» وَفِي الْبَابِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ قَالَ: " سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: «أَمَّا صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ فَنُورٌ، فَنَوِّرُوا بُيُوتَكُمْ» وَفِيهِ انْقِطَاعٌ. وَعَنْ جَابِرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي أَفْرَادِهِ قَالَ: " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا قَضَى أَحَدُكُمْ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِهِ فَلْيَجْعَلْ لِبَيْتِهِ نَصِيبًا مِنْ صَلَاتِهِ، فَإِنَّ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ جَاعِلٌ فِي بَيْتِهِ مِنْ صَلَاتِهِ خَيْرًا» وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ مِثْلُ حَدِيثِ جَابِرٍ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَة عِنْدَ مُسْلِمٍ وَالنَّسَائِيُّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَجْعَلُوا بُيُوتكُمْ مَقَابِرَ، إنَّ الشَّيْطَانَ يَفِرُّ مِنْ الْبَيْتِ الَّذِي يُقْرَأُ

<<  <  ج: ص:  >  >>