٢١٨٧ - وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْت: إنِّي أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالْبَقِيعِ فَأَبِيعُ بِالدَّنَانِيرِ وَآخُذُ الدَّرَاهِمَ وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ فَقَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَ بِسِعْرِ يَوْمِهَا مَا لَمْ تَفْتَرِقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ» . رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَفِي لَفْظِ بَعْضِهِمْ: أَبِيعُ بِالدَّنَانِيرِ وَآخُذُ مَكَانَهَا الْوَرِقَ وَأَبِيعُ بِالْوَرِقِ وَآخُذُ مَكَانَهَا الدَّنَانِيرَ
ــ
[نيل الأوطار]
[بَابُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَجَوَازِهِ بِالْعَيْنِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ]
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ التَّصَرُّفِ فِي الثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَإِنْ كَانَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَعَلَى أَنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ لَا يَدْخُلُ الصَّرْفَ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ تَفَرَّدَ بِهِ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيُّ كَمَا قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ وَابْنُ عَدِيٍّ، وَقَدْ قَالَ فِيهِ أَحْمَدُ: لَا تَحِلُّ الرِّوَايَةُ عَنْهُ عِنْدِي وَلَا أَعْرِفُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ غَيْرِهِ، وَقَالَ: لَيْسَ فِي هَذَا أَيْضًا حَدِيثٌ يَصِحُّ، وَلَكِنَّ إجْمَاعَ النَّاسِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: أَهْلُ الْحَدِيثِ يُوهِنُونَ هَذَا الْحَدِيثَ اهـ وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ كَالِئٍ بِكَالِئٍ دَيْنٍ بِدَيْنٍ» وَلَكِنَّ فِي إسْنَادِهِ مُوسَى الْمَذْكُورَ فَلَا يَصْلُحُ شَاهِدًا، وَالْحَدِيثُ الثَّانِي صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَأَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: لَا نَعْرِفُهُ مَرْفُوعًا إلَّا مِنْ حَدِيثِ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، وَذَكَرَ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَوْقُوفًا، وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ أَيْضًا. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَالْحَدِيثُ تَفَرَّدَ بِرَفْعِهِ سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ وَقَالَ شُعْبَةُ: رَفَعَهُ لَنَا وَأَنَا أُفَرِّقُهُ. قَوْلُهُ
(الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ) هُوَ مَهْمُوزٌ. قَالَ الْحَاكِمُ: عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ حَسَّانَ هُوَ بَيْعُ النَّسِيئَةِ بِالنَّسِيئَةِ، كَذَا نَقَلَهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي الْغَرِيبِ، وَكَذَا نَقَلَهُ الدَّارَقُطْنِيّ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: هُوَ بَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ، وَهُوَ إجْمَاعٌ كَمَا حَكَاهُ أَحْمَدُ فِي كَلَامِهِ السَّابِقِ، وَكَذَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ كُلِّ مَعْدُومٍ بِمَعْدُومٍ. قَوْلُهُ (بِالْبَقِيعِ) قَالَ الْحَافِظُ: بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ كَمَا وَقَعَ عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ فِي بَقِيعِ الْغَرْقَدِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَلَمْ يَكُنْ إذْ ذَاكَ قَدْ كَثُرَتْ فِيهِ الْقُبُورُ، وَقَالَ ابْنُ بَاطِيشٍ: لَمْ أَرَ مَنْ ضَبَطَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بِالنُّونِ، حَكَى ذَلِكَ عَنْهُ فِي التَّلْخِيصِ وَابْنُ رِسْلَانَ فِي شَرْحِ السُّنَنِ.
قَوْلُهُ: (لَا بَأْسَ) . . . إلَخْ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الِاسْتِبْدَالِ عَنْ الثَّمَنِ الَّذِي فِي الذِّمَّةِ بِغَيْرِهِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُمَا غَيْرُ حَاضِرَيْنِ جَمِيعًا، بَلْ الْحَاضِرُ أَحَدُهُمَا وَهُوَ غَيْرُ اللَّازِمِ، فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ كَالْحَاضِرِ. قَوْلُهُ: (مَا لَمْ تَفْتَرِقَا، وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ جَوَازَ الِاسْتِبْدَالِ مُقَيَّدٌ بِالتَّقَابُضِ فِي الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ مَالَانِ رِبَوِيَّانِ، فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ إلَّا بِشَرْطِ وُقُوعِ التَّقَابُضِ فِي الْمَجْلِسِ، وَهُوَ مَحْكِيٌّ عَنْ عُمَرَ وَابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَالْحَسَنِ وَالْحَكَمِ وَطَاوُسٍ وَالزُّهْرِيِّ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ، وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute