للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٣٨١ - (وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ: «لَوْ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ الْأَمْرِ مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا غَسَّلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا نِسَاؤُهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ، وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الصِّدِّيقَ أَوْصَى أَسْمَاءَ زَوْجَتَهُ أَنْ تُغَسِّلَهُ فَغَسَّلَتْهُ) .

ــ

[نيل الأوطار]

[بَابُ مَا جَاءَ فِي غُسْلِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ]

حَدِيثُ عَائِشَةَ الْأَوَّلُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الدَّارِمِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ، وَفِي إسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَبِهِ أَعَلَّهُ الْبَيْهَقِيُّ قَالَ الْحَافِظُ: وَلَمْ يَتَفَرَّدْ بِهِ بَلْ تَابَعَهُ عَلَيْهِ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالنَّسَائِيُّ وَأَمَّا ابْنُ الْجَوْزِيِّ فَقَالَ: لَمْ يَقُلْ " غَسَّلْتُكِ " إلَّا ابْنُ إِسْحَاقَ وَأَصْلُ الْحَدِيثِ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ بِلَفْظِ: «ذَاكَ لَوْ كَانَ وَأَنَا حَيٌّ فَأَسْتَغْفِرُ لَك وَأَدْعُو لَك» وَأَثَرُهَا الثَّانِي سَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُد وَالْمُنْذِرِيُّ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إلَّا ابْنُ إِسْحَاقَ وَقَدْ عَنْعَنَ، وَغُسْلُ أَسْمَاءَ لِأَبِي بَكْرٍ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ قَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْغُسْلِ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّت مِنْ أَبْوَابِ الْغُسْلِ وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِوَصِيَّةٍ مِنْ أَبِي بَكْرٍ قَوْلُهُ: (فَغَسَّلْتُك) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ يُغَسِّلُهَا زَوْجُهَا إذَا مَاتَتْ وَهِيَ تُغَسِّلُهُ قِيَاسًا، وَبِغُسْلِ أَسْمَاءَ لِأَبِي بَكْرٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَعَلِيٍّ لِفَاطِمَةَ كَمَا أَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، وَلَمْ يَقَعْ مِنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ إنْكَارٌ عَلَى عَلِيٍّ وَأَسْمَاءَ فَكَانَ إجْمَاعًا.

وَقَدْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ الْعِتْرَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَالْجُمْهُورُ وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا تُغَسِّلُهُ لِبُطْلَانِ النِّكَاحِ وَيَجُوزُ الْعَكْسُ عِنْدَهُ كَالْجُمْهُورِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالشَّعْبِيُّ وَالثَّوْرِيُّ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُغَسِّلَهَا لِمِثْلِ مَا ذَكَرَ أَحْمَدُ وَيَجُوزُ الْعَكْسُ عَنْدَهُمْ كَالْجُمْهُورِ، قَالُوا: لِأَنَّهُ لَا عِدَّةَ عَلَيْهِ بِخِلَافِهَا وَيُجَابُ عَنْ الْمَذْهَبَيْنِ الْآخَرَيْنِ بِأَنَّهُ إذَا سُلِّمَ ارْتِفَاعُ حِلِّ الِاسْتِمْتَاعِ بِالْمَوْتِ وَأَنَّهُ الْعِلَّةُ فِي جَوَازِ نَظَرِ الْفَرْجِ فَغَايَتُهُ تَحْرِيمُ نَظَرِ الْفَرْجِ فَيَجِبُ سَتْرُهُ عِنْدَ غُسْلِ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ.

وَقَدْ قِيلَ: إنَّ النَّظَرَ إلَى الْفَرْجِ وَغَيْرِهِ لَازِمٌ مِنْ لَوَازِمِ الْعَقْدِ فَلَا يَرْتَفِعُ بِارْتِفَاعِ جَوَازِ الِاسْتِمْتَاعِ الْمُرْتَفِعِ بِالْمَوْتِ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ حِلِّ النَّظَرِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْمَوْتِ. قَوْلُهُ: (لَوْ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ الْأَمْرِ. . . إلَخْ) قِيلَ: فِيهِ أَيْضًا مُتَمَسِّكٌ لِمَذْهَبِ الْجُمْهُورِ وَلَكِنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ غُسْلِ الْجِنْسِ لِجِنْسِهِ مَعَ وُجُودِ الزَّوْجَةِ، وَلَا عَلَى أَنَّهَا أَوْلَى مِنْ الرِّجَالِ؛ لِأَنَّهُ قَوْلُ صَحَابِيَّةٍ، وَلَا حُجَّةَ فِيهِ، وَقَدْ تَوَلَّى غُسْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِيٌّ وَالْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ يُنَاوِلُهُ الْمَاءَ وَالْعَبَّاسُ وَاقِفٌ قَالَ ابْنُ دِحْيَةَ: لَمْ يُخْتَلَفْ فِي أَنَّ الَّذِينَ غَسَّلُوهُ عَلِيٌّ وَالْفَضْلُ وَاخْتُلِفَ فِي الْعَبَّاسِ وَأُسَامَةَ وَقُثَمَ وَشُقْرَانَ انْتَهَى.

وَقَدْ اسْتَوْفَى صَاحِبُ التَّلْخِيصِ الطُّرُقَ فِي ذَلِكَ، وَلَمْ يُنْقَلْ إلَيْنَا أَنَّ أَحَدًا مِنْ الصَّحَابَةِ أَنْكَرَ ذَلِكَ فَكَانَ إجْمَاعًا مِنْهُمْ وَرَوَى الْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ بِلَالَ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ «أَوْصَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ لَا يُغَسِّلَهُ أَحَدٌ غَيْرِي» وَرَوَى ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>