بَابُ مَنْ صَلَّى الرُّبَاعِيَّةَ خَمْسًا
١٠٢٧ - (عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا فَقِيلَ لَهُ: أَزِيدَ فِي الصَّلَاةِ؟ فَقَالَ: وَمَا ذَلِكَ؟ قَالُوا: صَلَّيْتَ خَمْسًا، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ مَا سَلَّمَ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ) .
ــ
[نيل الأوطار]
فَلَا يَقْطَعُهُ وَيَرْجِعُ إلَى السُّنَّةِ. وَقِيلَ: يَجُوزَ لَهُ الْعَوْدُ مَا لَمْ يَشْرَعْ فِي الْقِرَاءَةِ، فَإِنْ عَادَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِظَاهِرِ النَّهْيِ؛ وَلِأَنَّهُ زَادَ قُعُودًا. وَهَذَا إذَا تَعَمَّدَ الْعَوْدَ، فَإِنْ عَادَ نَاسِيًا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ.
وَأَمَّا إذَا لَمْ يَسْتَتِمَّ الْقِيَامَ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ: «إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ فَلَمْ يَسْتَتِمَّ قَائِمًا فَلْيَجْلِسْ» . .
[بَابُ مَنْ صَلَّى الرُّبَاعِيَّةَ خَمْسًا]
قَوْلُهُ: (صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا) فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ الْجَزْمُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ التَّرَدُّدُ وَالْكُلُّ مِنْ طَرِيقِهِ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ. قَوْلُهُ: (فَقَالَ: وَمَا ذَلِكَ) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَفِي بَعْضِهَا " فَقِيلَ: وَمَا ذَاكَ؟ " وَفِي بَعْضِهَا " فَقَالَ: لَا، وَمَا ذَاكَ؟ " بِزِيَادَةِ لَا، وَهِيَ ثَابِتَةٌ فِي مُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُد وَبِهَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ إخْبَارَهُمْ كَانَ بَعْدَ اسْتِفْسَارِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُمْ. وَالْحَدِيثُ يَدُلّ عَلَى أَنَّ مَنْ صَلَّى خَمْسًا سَاهِيًا وَلَمْ يَجْلِسْ فِي الرَّابِعَةِ أَنَّ صَلَاتَهُ لَا تَفْسُدُ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: إنَّهَا تَفْسُدُ وَإِنْ لَمْ يَجْلِسْ فِي الرَّابِعَةِ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: فَإِنْ جَلَسَ فِي الرَّابِعَةِ ثُمَّ صَلَّى خَامِسَةً فَإِنَّهُ يُضِيفُ إلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى وَتَكُونُ الرَّكْعَتَانِ لَهُ نَافِلَةً. وَالْحَدِيثُ يَرُدُّ مَا قَالَاهُ. وَإِلَى الْعَمَلِ بِمَضْمُونِهِ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ، وَقَدْ فَرَّقَ مَالِكٌ بَيْنَ الزِّيَادَةِ الْقَلِيلَةِ وَالْكَثِيرَةِ مِنْ السَّاهِي. قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: إنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ أَنَّهُ إنْ زَادَ دُون نِصْفِ الصَّلَاةِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ بَلْ هِيَ صَحِيحَةٌ، وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، وَإِنْ زَادَ النِّصْفَ وَأَكْثَرَ، فَذَهَبَ ابْنُ الْقَاسِمِ الرَّحَّالُ إلَى بُطْلَانِهَا. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَبِيبٍ وَغَيْرُهُ: إنْ زَادَ رَكْعَتَيْنِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ زَادَ رَكْعَةً فَلَا.
وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهَا لَا تَبْطُل مُطْلَقًا. وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِالْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ مَحَلُّهُمَا بَعْدَ التَّسْلِيمِ مُطْلَقًا وَلَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِزِيَادَةِ الرَّكْعَةِ إلَّا بَعْدَ السَّلَامِ حِينَ سَأَلُوهُ " أَزِيدَ فِي الصَّلَاةِ؟ ". وَقَدْ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عَلَى فِعْلِ ذَلِكَ بَعْدَ السَّلَامِ لِتَعَذُّرِهِ قَبْلَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute