للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ مَا جَاءَ فِي لُبْسِ الْقَمِيصِ وَالْعِمَامَةِ وَالسَّرَاوِيلِ

٥٧٦ - (عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: «قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يَتَسَرْوَلَونَ وَلَا يَأْتَزِرُونَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: تَسَرْوَلُوا وَائْتَزِرُوا وَخَالِفُوا أَهْلَ الْكِتَابِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ) .

٥٧٧ - (وَعَنْ مَالِكِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: «بَعَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رِجْلَ سَرَاوِيلَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ فَوَزَنَ لِي فَأَرْجَحَ لِي» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ) .

ــ

[نيل الأوطار]

بَيْنَ الْمَطْبُوعِ مِنْ الصُّوَرِ وَالْمُسْتَقِلِّ، لِأَنَّ اسْمَ الصُّورَةِ صَادِقٌ عَلَى الْكُلِّ إذْ هِيَ كَمَا فِي كُتُبِ اللُّغَةِ: الشَّكْلُ، وَهُوَ يُقَالُ لِمَا كَانَ مِنْهَا مَطْبُوعًا عَلَى الثِّيَابِ شَكْلًا، نَعَمْ حَدِيثُ أَبِي طَلْحَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِمَا بِلَفْظِ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا تِمْثَالٌ» وَفِيهِ أَنَّهُ قَالَ: إلَّا رَقْمًا فِي ثَوْبٍ فَهَذَا إنْ صَحَّ رَفْعُهُ كَانَ مُخَصِّصًا لِمَا رُقِّمَ فِي الْأَثْوَابِ مِنْ التَّمَاثِيلِ. قَوْلُهُ: (أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ) هَذَا مِنْ بَابِ التَّعْلِيقِ بِالْمُحَالِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُمْ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيُقَالُ لَهُمْ: لَا تَزَالُونَ فِي عَذَابٍ حَتَّى تُحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ وَلَيْسُوا بِفَاعِلِينَ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ دَوَامِ الْعَذَابِ وَاسْتِمْرَارِهِ وَهَذَا الَّذِي قَدَّرْنَاهُ فِي تَفْسِيرِ الْحَدِيثِ مُصَرَّحٌ بِمَعْنَاهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمُتَقَدِّمِ وَالْأَحَادِيثُ يُفَسِّرُ بَعْضُهَا بَعْضًا.

قَوْلُهُ: (فَاجْعَلْ الشَّجَرَ وَمَا لَا نَفْسَ لَهُ) فِيهِ الْإِذْنُ بِتَصْوِيرِ الشَّجَرِ وَكُلِّ مَا لَيْسَ لَهُ نَفْسٌ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى اخْتِصَاصِ التَّحْرِيمِ بِتَصْوِيرِ الْحَيَوَانَاتِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَا يُكْرَهُ تَصْوِيرُ الشَّجَرِ وَمَا نَحْوُهَا مِنْ الْجَمَادِ إجْمَاعًا.

[بَابُ مَا جَاءَ فِي لُبْسِ الْقَمِيصِ وَالْعِمَامَةِ وَالسَّرَاوِيلِ]

أَمَّا حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ فَلَمْ أَقِفْ فِيهِ عَلَى كَلَامٍ لِأَحَدٍ إلَّا مَا ذَكَرَهُ فِي مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ، فَإِنَّهُ قَالَ: رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَرِجَالُ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ، خَلَا الْقَاسِمِ وَهُوَ ثِقَةٌ، وَفِيهِ كَلَامٌ لَا يَضُرُّ انْتَهَى.

وَفِيهِ الْإِذْنُ بِلُبْسِ السَّرَاوِيلِ وَإِنَّ مُخَالَفَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ تَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ الِاتِّزَارِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ لَا بِتَرْكِ لُبْسِ السَّرَاوِيلِ فِي جَمِيعِ الْحَالَاتِ فَإِنَّهُ لَازِمٌ وَإِنْ كَانَ فِي الْمُخَالَفَةِ. وَأَمَّا حَدِيثُ مَالِكِ بْنِ عُمَيْرٍ فَأَخْرَجَهُ أَيْضًا أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَرِجَالُ إسْنَادِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَيَشْهَدُ لِصِحَّتِهِ حَدِيثُ «سُوَيْد بْنِ قَيْسٍ قَالَ: جَلَبْت أَنَا وَمَخْرَمَةُ الْعَبْدِيُّ بَزًّا مِنْ هَجَرَ فَأَتَيْنَا بِهِ مَكَّةَ فَجَاءَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمْشِي فَسَاوَمَنَا سَرَاوِيلَ فَبِعْنَاهُ، وَثَمَّ رَجُلٌ يَزِنُ بِالْأَجْرِ فَقَالَ لَهُ: زِنْ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَسَيَأْتِي فِي أَبْوَابِ الْإِجَارَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ. وَحَدِيثُ مَالِكِ بْنِ عُمَيْرٍ الْمَذْكُورُ هُوَ عِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>