للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥٧٤ - (وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الَّذِينَ يَصْنَعُونَ هَذِهِ الصُّوَرَ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ» )

٥٧٥ - (وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: إنِّي أُصَوِّرُ هَذِهِ التَّصَاوِيرَ فَأَقْتَنِي فِيهَا، فَقَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «كُلُّ مُصَوِّرٍ فِي النَّارِ يُجْعَلُ لَهُ بِكُلِّ صُورَةٍ صَوَّرَهَا نَفْسًا تُعَذِّبُهُ فِي جَهَنَّمَ فَإِنْ كُنْتَ لَا بُدَّ فَاعِلًا فَاجْعَلْ الشَّجَرَ وَمَا لَا نَفْسَ لَهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا)

ــ

[نيل الأوطار]

الشَّيَاطِينِ، وَخَصَّ الْخَطَّابِيِّ ذَلِكَ بِمَا كَانَ يَحْرُمُ اقْتِنَاؤُهُ مِنْ الْكِلَابِ، وَبِمَا لَا يَجُوزُ تَصْوِيرُهُ مِنْ الصُّوَرِ لَا كَلْبُ الصَّيْدِ وَالْمَاشِيَةِ، وَلَا الصُّورَةُ الَّتِي فِي الْبِسَاطِ وَالْوِسَادَةِ وَغَيْرُهُمَا، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ دُخُولَ الْمَلَائِكَةِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ عَامٌّ فِي كُلِّ كَلْبٍ وَفِي كُلِّ صُورَةٍ، وَأَنَّهُمْ يَمْتَنِعُونَ مِنْ الْجَمِيعِ لِإِطْلَاقِ الْأَحَادِيثِ، وَلِأَنَّ الْجَرْوَ الَّذِي كَانَ فِي بَيْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَحْتَ السَّرِيرِ كَانَ لَهُ فِيهِ عُذْرٌ فَإِنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَمَعَ هَذَا امْتَنَعَ جِبْرِيلُ مِنْ دُخُولِ الْبَيْتِ لِأَجْلِ ذَلِكَ الْجَرْوِ.

٥٧٤ - (وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الَّذِينَ يَصْنَعُونَ هَذِهِ الصُّوَرَ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ» )

٥٧٥ - (وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: إنِّي أُصَوِّرُ هَذِهِ التَّصَاوِيرَ فَأَقْتَنِي فِيهَا، فَقَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «كُلُّ مُصَوِّرٍ فِي النَّارِ يُجْعَلُ لَهُ بِكُلِّ صُورَةٍ صَوَّرَهَا نَفْسًا تُعَذِّبُهُ فِي جَهَنَّمَ فَإِنْ كُنْتَ لَا بُدَّ فَاعِلًا فَاجْعَلْ الشَّجَرَ وَمَا لَا نَفْسَ لَهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا) .

الْحَدِيثَانِ يَدُلَّانِ عَلَى أَنَّ التَّصْوِيرَ مِنْ أَشَدِّ الْمُحَرَّمَاتِ لِلتَّوَعُّدِ عَلَيْهِ بِالتَّعْذِيبِ فِي النَّارِ وَبِأَنَّ كُلَّ مُصَوِّرٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لِوُرُودِ لَعْنِ الْمُصَوِّرِينَ فِي أَحَادِيثَ أُخَرَ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا عَلَى مُحَرَّمٍ مُتَبَالِغٍ فِي الْقُبْحِ وَإِنَّمَا كَانَ التَّصْوِيرُ مِنْ أَشَدِّ الْمُحَرَّمَاتِ الْمُوجِبَةِ لِمَا ذَكَرَ لِأَنَّ فِيهِ مُضَاهَاةً لِفِعْلِ الْخَالِقِ جَلَّ جَلَالُهُ وَلِهَذَا سَمَّى الشَّارِعُ فِعْلَهُمْ خَلْقًا وَسَمَّاهُمْ خَالِقِينَ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ " كُلُّ مُصَوِّرٍ "، وَقَوْلُهُ: " بِكُلِّ صُورَةٍ صَوَّرَهَا " أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَطْبُوعِ فِي الثِّيَابِ وَبَيْنَ مَا لَهُ جُرْمٌ مُسْتَقِلٌّ. وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ الْمُتَقَدِّمِ مِنْ التَّعْمِيمِ وَمَا فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَتَكَ دَرْنُوكًا لِعَائِشَةَ كَانَ فِيهِ صُوَرُ الْخَيْلِ ذَوَاتُ الْأَجْنِحَةِ حَتَّى اتَّخَذَتْ مِنْهُ وِسَادَتَيْنِ» وَالدَّرْنُوكُ: ضَرْبٌ مِنْ الثِّيَابِ أَوْ الْبُسُطِ وَمَا أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالْمُوَطَّأُ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ: «قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ سَفَرٍ وَقَدْ سَتَرْت سَهْوَةً لِي بِقِرَامٍ فِيهِ تَمَاثِيلُ فَلَمَّا رَآهُ هَتَكَهُ وَتَلَوَّنَ وَجْهُهُ، وَقَالَ: يَا عَائِشَةُ أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ اللَّهِ» .

وَمَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ صَوَّرَ صُورَةً عَذَّبَهُ اللَّهُ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ وَمَا هُوَ بِنَافِخٍ» فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ قَاضِيَةٌ بِعَدَمِ الْفَرْقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>