بَابُ مَا يُذْكَرُ فِي اسْتِيعَابِ الْأَصْنَافِ
١٦٠٩ - (عَنْ زِيَادِ بْنِ الْحَارِثِ الصُّدَائِيِّ قَالَ: «أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبَايَعْتُهُ، فَأَتَى رَجُلٌ فَقَالَ: أَعْطِنِي مِنْ الصَّدَقَةِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنَّ اللَّهَ لَمْ يَرْضَ بِحُكْمِ نَبِيٍّ وَلَا غَيْرِهِ فِي الصَّدَقَاتِ حَتَّى حَكَمَ فِيهَا هُوَ فَجَزَّأَهَا ثَمَانِيَةَ أَجْزَاءٍ، فَإِنْ كُنْتَ مِنْ تِلْكَ الْأَجْزَاءِ أَعْطَيْتُكَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَيُرْوَى «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِسَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ: اذْهَبْ إلَى صَاحِبِ صَدَقَةِ بَنِي زُرَيْقٍ فَقُلْ لَهُ فِيهَا فَلْيَدْفَعْهَا إلَيْكَ» )
ــ
[نيل الأوطار]
التَّقْرِيبِ مِنْ تَرْجَمَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَنَمَةَ، وَلَاسٍ بِسِينٍ مُهْمَلَةٍ: خُزَاعِيٍّ اُخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ فَقِيلَ: زِيَادٌ وَقِيلَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَنَمَةَ بِمُهْمَلَةٍ وَنُونٍ مَفْتُوحَتَيْنِ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، لَهُ صُحْبَةٌ وَحَدِيثَانِ هَذَا أَحَدُهُمَا، وَقَدْ وَصَلَهُ مَعَ أَحْمَدَ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ طَرِيقِهِ. قَالَ الْحَافِظُ: رِجَالُهُ ثِقَاتٌ إلَّا أَنَّ فِيهِ عَنْعَنَةَ ابْنِ إِسْحَاقَ وَلِهَذَا تَوَقَّفَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي ثُبُوتِهِ
وَأَحَادِيثُ الْبَابِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مِنْ سَبِيلِ اللَّهِ، وَأَنَّ مَنْ جَعَلَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ جَازَ لَهُ صَرْفُهُ فِي تَجْهِيزِ الْحُجَّاجِ وَالْمُعْتَمِرِينَ، وَإِذَا كَانَ شَيْئًا مَرْكُوبًا جَازَ حَمْلُ الْحَاجِّ وَالْمُعْتَمِرِ عَلَيْهِ. وَتَدُلُّ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ صَرْفُ شَيْءٍ مِنْ سَهْمِ سَبِيلِ اللَّهِ مِنْ الزَّكَاةِ إلَى قَاصِدِينَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ.
[بَابُ مَا يُذْكَرُ فِي اسْتِيعَابِ الْأَصْنَافِ]
حَدِيثُ زِيَادِ بْنِ الْحَارِثِ الصُّدَائِيُّ فِي إسْنَادِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمَ الْإِفْرِيقِيُّ، وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَحَدِيثُ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ لَهُ طُرُقٌ وَرِوَايَاتٌ يَأْتِي ذِكْرُ بَعْضِهَا فِي الصِّيَامِ وَهَذِهِ إحْدَاهَا. وَقَدْ أَخْرَجَهَا بِهَذَا اللَّفْظِ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ بِإِسْنَادٍ فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالتَّحْدِيثِ، وَمَعَ هَذَا فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تُعَارِضُ مَا سَيَأْتِي مِنْ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعَانَهُ بِعِرْقٍ مِنْ تَمْرٍ» مِنْ طَرِيقِ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ " وَإِنَّمَا أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الرِّوَايَةَ هَهُنَا لِلِاسْتِدْلَالِ بِهَا عَلَى أَنَّ الصَّرْفَ فِي مَنْ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ مِنْ الزَّكَاةِ جَائِزٌ. قَوْلُهُ: (فَجَزَّأَهَا) بِتَشْدِيدِ الزَّايِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ مَعَ الْآيَةِ يَرُدُّ عَلَى الْمُزَنِيّ وَأَبِي حَفْصِ بْنِ الْوَكِيلِ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ حَيْثُ قَالَا: إنَّهُ لَا يُصْرَفُ خُمْسُ الزَّكَاةِ إلَى مَنْ يُصْرَفُ إلَيْهِ خُمْسُ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ وَيُرَدُّ أَيْضًا عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ حَيْثُ قَالُوا: يَجُوزُ صَرْفُهَا إلَى بَعْضِ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ حَتَّى قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَجُوزُ صَرْفُهَا إلَى الْوَاحِدِ. وَعَلَى مَالِكٍ حَيْثُ قَالَ: يَدْفَعُهَا إلَى أَكْثَرِهِمْ حَاجَةً: أَيْ لِأَنَّ كُلَّ الْأَصْنَافِ يُدْفَعُ إلَيْهِمْ لِلْحَاجَةِ فَوَجَبَ اعْتِبَارُ أَمَسِّهِمْ حَاجَةً.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute