للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠٧٠ - (وَعَنْ سُلَيْمَانَ مَوْلَى مَيْمُونَةَ قَالَ: «أَتَيْتُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ وَهُوَ بِالْبَلَاطِ وَالْقَوْمُ يُصَلُّونَ فِي الْمَسْجِدِ، فَقُلْتُ: مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَ النَّاسِ؟ قَالَ: إنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: لَا تُصَلُّوا صَلَاةً فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ) .

ــ

[نيل الأوطار]

[بَابٌ مَنْ صَلَّى ثُمَّ أَدْرَكَ جَمَاعَةً فَلْيُصَلِّهَا مَعَهُمْ نَافِلَةً]

حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ وَحَدِيثُ عُبَادَةَ اللَّذَانِ أَشَارَ إلَيْهِمَا الْمُصَنِّفُ تَقَدَّمَا فِي بَابِ بَيَانِ أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ بَعْضَ الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ فَإِنَّهُ يُتِمّهَا، مِنْ أَبْوَابِ الْأَوْقَاتِ. وَحَدِيثُ يَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الرُّخْصَةِ فِي إعَادَةِ الْجَمَاعَةِ. وَحَدِيثُ مِحْجَنٍ أَخْرَجَهُ أَيْضًا مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ. وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أَخْرَجَهُ أَيْضًا مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ. وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ قَدَّمْنَا ذِكْرَهَا فِي بَابِ الرُّخْصَةِ فِي إعَادَةِ الْجَمَاعَةِ. وَحَدِيثُ مِحْجَنٍ وَمَا قَبْلَهُ مِنْ الْأَحَادِيثِ الَّتِي أَشَارَ إلَيْهَا الْمُصَنِّفُ تَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الدُّخُولِ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ لِمَنْ كَانَ قَدْ صَلَّى تِلْكَ الصَّلَاةَ، وَلَكِنْ ذَلِكَ مُقَيَّدٌ بِالْجَمَاعَاتِ الَّتِي تُقَامُ فِي الْمَسَاجِدِ. لِمَا فِي حَدِيثِ يَزِيدَ بْن الْأَسْوَدِ الْمُتَقَدِّمِ بِلَفْظِ: " ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَا " وَقَدْ وَقَعَ الْخِلَافُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ هَلْ الصَّلَاةُ الْمَفْعُولَةُ مَعَ الْجَمَاعَةِ هِيَ الْفَرِيضَةُ أَمْ الْأُولَى.

وَقَدْ قَدَّمْنَا بَسْطَ الْكَلَامِ فِي ذَلِكَ فِي بَابِ الرُّخْصَةِ فِي إعَادَةِ الْجَمَاعَةِ. وَقَدَّمْنَا أَيْضًا أَنَّ أَحَادِيثَ مَشْرُوعِيَّةِ الدُّخُولِ فِي الْجَمَاعَةِ مُخَصِّصَةٌ لِعُمُومِ أَحَادِيثِ النَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الْفَجْرِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ.

وَقَدَّمْنَا أَيْضًا أَنَّ أَحَادِيثَ الدُّخُولِ مَعَ الْجَمَاعَةِ مُخَصِّصَةٌ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ قَوْلُهُ: (وَهُوَ بِالْبَلَاطِ) هُوَ مَوْضِعٌ مَفْرُوشٌ بِالْبَلَاطِ بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَالسُّوقِ بِالْمَدِينَةِ كَمَا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تُصَلُّوا صَلَاةً فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ» لَفْظُ النَّسَائِيّ «لَا تُعَادُ الصَّلَاةُ فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ» قَدْ تَمَسَّكَ بِهَذَا الْحَدِيثِ الْقَائِلُونَ أَنَّ مَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ أَدْرَكَ جَمَاعَةً لَا يُصَلِّي مَعَهُمْ كَيْفَ كَانَتْ؛ لِأَنَّ الْإِعَادَةَ لِتَحْصِيلِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ وَقَدْ حَصَلَتْ لَهُ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ الصَّيْدَلَانِيِّ وَالْغَزَالِيِّ وَصَاحِبِ الْمُرْشِدِ.

قَالَ فِي الِاسْتِذْكَارِ: اتَّفَقَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ عَلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تُصَلُّوا صَلَاةً فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ» أَنَّ ذَلِكَ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ صَلَاةً مَكْتُوبَةً عَلَيْهِ ثُمَّ يَقُومَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا فَيُعِيدَهَا عَلَى جِهَةِ الْفَرْضِ أَيْضًا، وَأَمَّا مَنْ صَلَّى الثَّانِيَةَ مَعَ الْجَمَاعَةِ عَلَى أَنَّهَا نَافِلَةٌ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَمْرِهِ بِذَلِكَ فَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ إعَادَةِ الصَّلَاةِ فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأُولَى فَرِيضَةٌ وَالثَّانِيَةَ نَافِلَةٌ فَلَا إعَادَةَ حِينَئِذٍ. .

<<  <  ج: ص:  >  >>