للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ مَنْ صَلَّى ثُمَّ أَدْرَكَ جَمَاعَةً فَلْيُصَلِّهَا مَعَهُمْ نَافِلَةً فِيهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ وَعُبَادَةُ وَيَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ سَبَقَ.

١٠٦٩ - (وَعَنْ مِحْجَنِ بْنِ الْأَدْرَعِ قَالَ: «أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ، فَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَصَلَّى، يَعْنِي وَلَمْ أُصَلِّ، فَقَالَ لِي: أَلَا صَلَّيْتَ؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي قَدْ صَلَيْتُ فِي الرَّحْلِ ثُمَّ أَتَيْتُكَ، قَالَ: فَإِذَا جِئْتَ فَصَلِّ مَعَهُمْ وَاجْعَلْهَا نَافِلَةً» رَوَاهُ أَحْمَدُ) .

ــ

[نيل الأوطار]

دَالٌ مُهْمَلَةٌ: أَيْ قَصَدَ، وَالنَّاسُ مَفْعُولٌ بِهِ، قَوْلُهُ: (وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ يُصَلِّي بِهِمْ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ.

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إذَا خِيفَ فَوْتُ وَقْتِ الصَّلَاةِ أَوْ فَوْتُ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ مِنْهَا لَمْ يَنْتَظِرْ الْإِمَامُ وَإِنْ كَانَ فَاضِلًا.

وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ فَضِيلَةَ أَوَّلِ الْوَقْتِ لَا يُعَادِلُهَا فَضِيلَةُ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ الْفَاضِلِ فِي غَيْرِهِ قَوْلَهُ: (يُصَلِّي بِهِمْ) يَعْنِي صَلَاةَ الْفَجْرِ كَمَا وَقَعَ مُبَيَّنًا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد قَوْلُهُ: (فَصَلَّى مَعَ النَّاسِ الرَّكْعَةَ الْأَخِيرَةَ) فِيهِ فَضِيلَةٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ إذْ قَدَّمَهُ الصَّحَابَةُ لِأَنْفُسِهِمْ فِي صَلَاتِهِمْ بَدَلًا مِنْ نَبِيِّهِمْ.

وَفِيهِ فَضِيلَةٌ أُخْرَى لَهُ وَهِيَ اقْتِدَاؤُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهِ.

وَفِيهِ جَوَازُ ائْتِمَامِ الْإِمَامِ أَوْ الْوَالِي بِرَجُلٍ مِنْ رَعِيَّتِهِ.

وَفِيهِ أَيْضًا تَخْصِيصٌ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يُؤَمَّنَّ أَحَدٌ فِي سُلْطَانِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ» يَعْنِي: أَوْ إلَّا أَنْ يَخَافَ خُرُوجَ أَوَّلَ الْوَقْتِ قَوْلُهُ: (يُتِمُّ صَلَاتَهُ) فِيهِ مُتَمَسَّكٌ لِمَنْ قَالَ: إنَّ مَا أَدْرَكَهُ الْمُؤْتَمُّ مَعَ الْإِمَامِ أَوَّلَ صَلَاتِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: (قَدْ أَصَبْتُمْ وَأَحْسَنْتُمْ) فِيهِ جَوَازُ الثَّنَاءِ عَلَى مَنْ بَادَرَ إلَى أَدَاءِ فَرْضِهِ وَسَارَعَ إلَى عَمَلِ مَا يَجِب عَلَيْهِ عَمَلُهُ قَوْلُهُ: (يَغْبِطُهُمْ) فِيهِ أَنَّ الْغِبْطَةَ جَائِزَةٌ وَأَنَّهَا مُغَايِرَةٌ لِلْحَسَدِ الْمَذْمُومِ قَوْلُهُ: (لَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا شَيْئًا) أَيْ لَمْ يَسْجُدْ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ.

فِيهِ دَلِيلٌ لِمَنْ قَالَ: لَيْسَ عَلَى الْمَسْبُوقِ بِبَعْضِ الصَّلَاةِ سُجُودٌ. قَالَ ابْنُ رَسْلَانَ: وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا " وَفِي رِوَايَةٍ: " فَاقْضُوا " وَلَمْ يَأْمُرْ بِسُجُودِ سَهْوٍ. وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ مَنْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفَ رَاوِيًا عَنْ أَبِي دَاوُد، وَمِنْهُمْ عَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَمُجَاهِدٌ وَإِسْحَاقُ إلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ أَدْرَكَ وِتْرًا مِنْ صَلَاةِ إمَامِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ لِلسَّهْوِ لِأَنَّهُ يَجْلِسُ لِلتَّشَهُّدِ مَعَ الْإِمَامِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْجُلُوسِ، وَيُجَابُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَلَسَ خَلْفَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَلَمْ يَسْجُدْ وَلَا أَمَرَ بِهِ الْمُغِيرَةُ، وَأَيْضًا لَيْسَ السُّجُودُ إلَّا لِلسَّهْوِ وَلَا سَهْوَ هُنَا، وَأَيْضًا مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ وَاجِبَةٌ فَلَا يَسْجُدُ لِفِعْلِهَا كَسَائِرِ الْوَاجِبَاتِ. .

<<  <  ج: ص:  >  >>