للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ الْمُحْرِمِ يَتَقَلَّدُ بِالسَّيْفِ لِلْحَاجَةِ.

١٨٨٨ - (عَنْ الْبَرَاءِ قَالَ: «اعْتَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذِي الْقَعْدَةِ، فَأَبَى أَهْلُ مَكَّةَ أَنْ يَدَعُوهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ حَتَّى قَاضَاهُمْ لَا يُدْخِلُ مَكَّةَ سِلَاحًا إلَّا فِي الْقِرَابِ» ) .

١٨٨٩ - (وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ مُعْتَمِرًا، فَحَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ، فَنَحَرَ هَدْيَهُ، وَحَلَقَ رَأْسَهُ بِالْحُدَيْبِيَةِ وَقَاضَاهُمْ عَلَى أَنْ يَعْتَمِرَ الْعَامَ الْمُقْبِلَ وَلَا يَحْمِلَ سِلَاحًا عَلَيْهِمْ إلَّا سُيُوفًا، وَلَا يُقِيمَ إلَّا مَا أَحَبُّوا فَاعْتَمَرَ مِنْ الْعَامِ الْمُقْبِلِ، فَدَخَلَهَا كَمَا كَانَ صَالَحَهُمْ فَلَمَّا أَنْ أَقَامَ بِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَمَرُوهُ أَنْ يَخْرُجَ فَخَرَجَ» . رَوَاهُمَا أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِلْمُحْصَرِ نَحْرَ هَدْيِهِ حَيْثُ أُحْصِرَ) .

ــ

[نيل الأوطار]

يَجُوزُ تَغْطِيَةُ رَأْسِهِ وَإِلْبَاسُهُ الْمَخِيطَ، وَالْحَدِيثُ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ وَأَمَّا تَغْطِيَةُ وَجْهِ مَنْ مَاتَ مُحْرِمًا فَيَجُوزُ عِنْدَ مَنْ قَالَ بِتَحْرِيمِ تَغْطِيَةِ رَأْسِهِ وَتَأَوَّلُوا هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنْ تَغْطِيَةِ وَجْهِهِ لَيْسَ لِكَوْنِهِ وَجْهًا إنَّمَا ذَلِكَ صِيَانَةٌ لِلرَّأْسِ فَإِنَّهُمْ لَوْ غَطُّوا وَجْهَهُ لَمْ يُؤْمَنْ أَنْ يُغَطُّوا رَأْسَهُ وَهَذَا تَأْوِيلٌ لَا يُلْجِئُ إلَيْهِ مُلْجِئٌ وَالْكَلَامُ عَلَى بَقِيَّةِ أَطْرَافِ الْحَدِيثِ قَدْ تَقَدَّمَ فِي الْجَنَائِزِ.

[بَابُ الْمُحْرِمِ يَتَقَلَّدُ بِالسَّيْفِ لِلْحَاجَةِ]

قَوْلُهُ: (إلَّا فِي الْقِرَابِ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَهُوَ وِعَاءُ يَجْعَلُ فِيهِ رَاكِبُ الْبَعِيرِ سَيْفَهُ مُغْمَدًا وَيَطْرَحُ فِيهِ الرَّاكِبُ سَوْطَهُ وَأَدَاتَهُ وَيُعَلِّقُهُ فِي الرَّحْلِ وَإِنَّمَا وَقَعَتْ الْمُقَاضَاةُ بَيْنَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَيْنَهُمْ عَلَى أَنْ يَكُونَ سِلَاحُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَنْ مَعَهُ فِي الْقِرَابَاتِ لِوَجْهَيْنِ ذَكَرَهُمَا أَهْلُ الْعِلْمِ الْأَوَّلِ: أَنْ لَا يَظْهَرَ مِنْهُ حَالَ دُخُولِهِ دُخُولُ الْمُغَالِبِينَ الْقَاهِرِينَ لَهُمْ. وَالثَّانِي: أَنَّهَا إذَا عَرَضَتْ فِتْنَةٌ أَوْ غَيْرُهَا يَكُونُ فِي الِاسْتِعْدَادِ لِلْقِتَالِ بِالسِّلَاحِ صُعُوبَةٌ، قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ حَمْلِ السِّلَاحِ بِمَكَّةَ لِلْعُذْرِ وَالضَّرُورَةِ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ فِي الْقِرَابِ كَمَا فَعَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيُخَصَّصُ بِهَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ عُمُومُ حَدِيثِ جَابِرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ قَالَ: قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَحِلُّ لِأَحَدِكُمْ أَنْ يَحْمِلَ بِمَكَّةَ السِّلَاحَ» فَيَكُونُ هَذَا النَّهْيُ فِيمَا عَدَا مَنْ حَمَلَهُ لِلْحَاجَةِ وَالضَّرُورَةِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْجَمَاهِيرُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى حَمْلِ السِّلَاحِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَلَا حَاجَةٍ فَإِنْ كَانَتْ حَاجَةٌ جَازَ قَالَ: وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَعَطَاءٍ قَالَ: وَكَرِهَهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ تَمَسُّكًا بِهَذَا الْحَدِيثِ يَعْنِي: حَدِيثَ النَّهْيِ.

قَالَ: وَشَذَّ عِكْرِمَةُ فَقَالَ: إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ حَمَلَهُ وَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ إذَا كَانَ مُحْرِمًا وَلَبِسَ الْمِغْفَرَ أَوْ الدِّرْعَ وَنَحْوَهُمَا فَلَا يَكُونُ مُخَالِفًا لِلْجَمَاعَةِ انْتَهَى وَالْحَقُّ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْجُمْهُورُ؛ لِأَنَّ فِيهِ الْجَمْعَ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ، وَهَكَذَا يُخَصَّصُ بِحَدِيثَيْ الْبَابِ عُمُومُ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ الْمُتَقَدِّمِ فِي كِتَابِ الْعِيدِ: وَأَدْخَلْتُ السِّلَاحَ

<<  <  ج: ص:  >  >>