للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْحَرِيرِ وَالْمَغْصُوبِ

٥٤٠ - (عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «مَنْ اشْتَرَى ثَوْبًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَفِيهِ دِرْهَمٌ حَرَامٌ لَمْ يَقْبَلْ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - لَهُ صَلَاةً مَا دَامَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَدْخَلَ أُصْبُعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ وَقَالَ: صُمَّتَا إنْ لَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمِعْتُهُ يَقُولُهُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ) .

ــ

[نيل الأوطار]

سَدَلَتْ قِنَاعَهَا وَهِيَ مُحْرِمَةٌ " أَيْ أَسْبَلَتْهُ اهـ. وَلَا مَانِعَ مِنْ حَمْلِ الْحَدِيثِ عَلَى جَمِيعِ هَذِهِ الْمَعَانِي إنْ كَانَ السَّدْلُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهَا، وَحَمْلُ الْمُشْتَرَكِ عَلَى جَمِيعِ مَعَانِيهِ هُوَ الْمَذْهَبُ الْقَوِيُّ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ السَّدْلَ مِنْ فِعْلِ الْيَهُودِ، أَخْرَجَ الْخَلَّالُ فِي الْعِلَلِ وَأَبُو عُبَيْدٍ فِي الْغَرِيبِ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ خَرَجَ فَرَأَى قَوْمًا يُصَلُّونَ قَدْ سَدَلُوا ثِيَابَهُمْ فَقَالَ: كَأَنَّهُمْ الْيَهُودُ خَرَجُوا مِنْ قُهْرِهِمْ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: هُوَ مَوْضِعُ مَدَارِسِهِمْ الَّذِي يَجْتَمِعُونَ فِيهِ.

قَالَ صَاحِبُ الْإِمَامِ: وَالْقُهْرُ بِضَمِّ الْقَافِ وَسُكُونِ الْهَاءِ مَوْضِعُ مَدَارِسِهِمْ الَّذِي يَجْتَمِعُونَ فِيهِ، وَذَكَرَهُ فِي الْقَامُوسِ وَالنِّهَايَةِ فِي الْفَاءِ لَا فِي الْقَافِ. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ السَّدْلِ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ مَعْنَى النَّهْيِ الْحَقِيقِيِّ، وَكَرِهَهُ ابْنُ عُمَرَ وَمُجَاهِدٌ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيّ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا. وَقَالَ أَحْمَدُ: يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ وَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَعَطَاءٌ وَالْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ وَمَكْحُولٌ وَالزُّهْرِيُّ: لَا بَأْسَ بِهِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ، وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ لَا مُوجِبَ لِلْعُدُولِ عَنْ التَّحْرِيمِ إنْ صَحَّ الْحَدِيثُ لِعَدَمِ وُجْدَانِ صَارِفٍ لَهُ عَنْ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (وَأَنْ يُغَطِّيَ الرَّجُلُ فَاهُ) قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لِأَنَّهُ مِنْ زِيِّ الْمَجُوسِ قَالَ: وَإِنَّمَا زَجَرَ عَنْ تَغْطِيَةِ الْفَمِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الدَّوَامِ لَا عِنْدَ التَّثَاؤُبِ بِمِقْدَارِ مَا يَكْظِمُهُ لِحَدِيثِ «إذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَضَعْ يَدَهُ عَلَى فِيهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ» وَهَذَا لَا يَتِمُّ إلَّا بَعْدَ تَسْلِيمِ عَدَمِ اعْتِبَارِ قَيْدٍ فِي الصَّلَاةِ الْمُصَرَّحِ بِهِ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فِي جَانِبِ الْمَعْطُوفِ، وَفِيهِ خِلَافٌ وَنِزَاعٌ. وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى كَرَاهَةِ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ مُتَلَثِّمًا كَمَا فَعَلَ الْمُصَنِّفُ.

[بَابُ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْحَرِيرِ وَالْمَغْصُوبِ]

الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ وَضَعَّفَاهُ وَتَمَّامٌ وَالْخَطِيبُ وَابْنُ عَسَاكِرَ وَالدَّيْلَمِيُّ، وَفِي إسْنَادِهِ هَاشِمٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي إرْشَادِهِ: وَهُوَ لَا يُعْرَفُ. وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ: إنَّ الصَّلَاةَ فِي الثَّوْبِ الْمَغْصُوبِ أَوْ الْمَغْصُوبِ ثَمَنُهُ لَا تَصِحُّ، وَهُمْ الْعِتْرَةُ جَمِيعًا. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ: تَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْعِصْيَانَ لَيْسَ بِنَفْسِ الطَّاعَةَ لِتَغَايُرِ اللِّبَاسِ وَالصَّلَاةِ، وَرُدَّ بِأَنَّ الْحَدِيثَ مُصَرِّحٌ بِنَفْيِ قَبُولِ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْمَغْصُوبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>