بَابُ النَّهْيِ عَنْ الْقِرَاءَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ
٧٣٩ - (عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كَشَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السِّتَارَةَ وَالنَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إلَّا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ أَلَا وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا أَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُد) .
ــ
[نيل الأوطار]
أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ وَعَلَانِيَتَهُ وَسِرَّهُ.» وَمِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهَا سَمِعَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ فِي سُجُودِهِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ: «أَعُوذُ بِرِضَاك مِنْ سَخَطِكَ وَأَعُوذُ بِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ» . وَقَدْ وَرَدَ الْإِذْنُ بِمُطْلَقِ التَّعْظِيمِ فِي الرُّكُوعِ وَبِمُطْلَقِ الدُّعَاءِ فِي السُّجُودِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا.
[بَابُ النَّهْيِ عَنْ الْقِرَاءَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ]
قَوْلُهُ: (كَشَفَ السِّتَارَةَ) بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ السِّتْرُ الَّذِي يَكُونُ عَلَى بَابِ الْبَيْتِ وَالدَّارِ. قَوْلُهُ: (مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ) أَيْ مِنْ أَوَّلِ مَا يَبْدُو مِنْهَا مَأْخُوذٌ مِنْ تَبَاشِيرِ الصُّبْحِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَا يَبْدُو مِنْهُ، وَهُوَ كَقَوْلِ عَائِشَةَ: " أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْوَحْيِ " الْحَدِيثَ وَفِيهِ أَنَّ الرُّؤْيَا مِنْ الْمُبَشِّرَاتِ، سَوَاءٌ رَآهَا الْمُسْلِمُ أَوْ رَآهَا غَيْرُهُ
قَوْلُهُ: (أَلَا وَإِنِّي نُهِيتُ) النَّهْيُ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهْيٌ لِأُمَّتِهِ كَمَا يُشْعِرُ بِذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ أَمَّا الرُّكُوعُ إلَى آخِرِهِ، وَيُشْعِرُ بِهِ أَيْضًا مَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ: «نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا» وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا، أَدِلَّةُ التَّأَسِّي الْعَامَّةُ، وَفِيهِ خِلَافٌ فِي الْأُصُولِ، وَهَذَا النَّهْيُ يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَفِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِالْقِرَاءَةِ حَالَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ خِلَافٌ. قَوْلُهُ: (أَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ) أَيْ سَبِّحُوهُ وَنَزِّهُوهُ وَمَجِّدُوهُ، وَقَدْ بَيَّنَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اللَّفْظُ الَّذِي يَقَعُ بِهِ هَذَا التَّعْظِيمُ بِالْأَحَادِيثِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا
قَوْلُهُ: (وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ) فِيهِ الْحَثُّ عَلَى الدُّعَاءِ فِي السُّجُودِ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ» . قَوْلُهُ: (فَقَمِنٌ) قَالَ النَّوَوِيُّ: هُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَفَتْحُ الْمِيمِ وَكَسْرُهَا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ، فَمَنْ فَتَحَ فَهُوَ عِنْدَهُ مَصْدَرٌ لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ، وَمَنْ كَسَرَ فَهُوَ وَصْفٌ يُثَنَّى وَيُجْمَعُ، قَالَ: وَفِيهِ لُغَةٌ ثَالِثَةٌ قَمِينٌ بِزِيَادَةِ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الْمِيمِ، وَمَعْنَاهُ: حَقِيقٌ وَجَدِيرٌ. وَيُسْتَحَبُّ الْجَمْعُ بَيْنَ الدُّعَاءِ وَالتَّسْبِيحِ الْمُتَقَدِّمِ لِيَكُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute