للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ أَنَّ الْكَسْبَ الْحَادِثَ لَا يَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ

٢٢٧٦ - (عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى: أَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ» . رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَفِي رِوَايَةٍ: «أَنَّ رَجُلًا ابْتَاعَ غُلَامًا فَاسْتَغَلَّهُ، ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَرَدَّهُ بِالْعَيْبِ، فَقَالَ الْبَائِعُ: غَلَّةُ عَبْدِي، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: الْغَلَّةُ بِالضَّمَانِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ، وَفِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ يَرَى تَلَفَ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَى قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي)

ــ

[نيل الأوطار]

وَقَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ: هِيَ الدَّنِيَّةُ وَقِيلَ: الْمُرَادُ الْحَرَامُ كَمَا عَبَّرَ عَنْ الْحَلَالِ بِالطَّيِّبِ وَقِيلَ: الدَّاءُ مَا كَانَ فِي الْخَلْقِ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَالْخِبْثَةُ مَا كَانَ فِي الْخُلُقِ بِضَمِّهَا وَالْغَائِلَةُ: سُكُوتُ الْبَائِعِ عَنْ بَيَانِ مَا يَعْلَمُ مِنْ مَكْرُوهٍ فِي الْمَبِيعِ، قَالَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ

[بَابُ أَنَّ الْكَسْبَ الْحَادِثَ لَا يَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ]

الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الشَّافِعِيُّ وَأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَابْنُ الْجَارُودِ وَالْحَاكِمُ وَابْنُ الْقَطَّانِ: وَمِنْ جُمْلَةِ مَنْ صَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ كَمَا حُكِيَ ذَلِكَ عَنْهُ فِي بُلُوغِ الْمَرَامِ وَحَكَى عَنْهُ فِي التَّلْخِيصِ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَصِحُّ وَضَعَّفَهُ الْبُخَارِيُّ، وَلِهَذَا الْحَدِيثِ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد ثَلَاثُ طُرُقٍ: اثْنَتَانِ رِجَالُهُمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَالثَّالِثَةُ قَالَ أَبُو دَاوُد: إسْنَادُهَا لَيْسَ بِذَاكَ وَلَعَلَّ سَبَبَ ذَلِكَ أَنَّ فِيهِ مُسْلِمَ بْنَ خَالِدٍ الزِّنْجِيَّ شَيْخَ الشَّافِعِيِّ وَقَدْ وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَتَابَعَهُ عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُقَدَّمِيُّ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَى الِاحْتِجَاجِ بِهِ

قَوْلُهُ: (إنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ) الْخَرَاجُ: هُوَ الدَّاخِلُ وَالْمَنْفَعَةُ أَيْ: يَمْلِكَ الْمُشْتَرِي الْخَرَاجَ الْحَاصِلَ مِنْ الْمَبِيعِ بِضَمَانِ الْأَصْلِ الَّذِي عَلَيْهِ: أَيْ: بِسَبَبِهِ فَالْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ، فَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ أَرْضًا فَاسْتَغَلَّهَا أَوْ دَابَّةً فَرَكِبَهَا أَوْ عَبْدًا فَاسْتَخْدَمَهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا قَدِيمًا فَلَهُ الرَّدُّ وَيَسْتَحِقُّ الْغَلَّةَ فِي مُقَابَلَةِ الضَّمَانِ لِلْمَبِيعِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ، وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْفَوَائِدِ الْأَصْلِيَّةِ وَالْفَرْعِيَّةِ، وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَفَصَّلَ مَالِكٌ فَقَالَ: يَسْتَحِقُّ الْمُشْتَرِي الصُّوفَ وَالشَّعْرَ دُونَ الْوَلَدِ وَفَرَّقَ أَهْلُ الرَّأْيِ وَالْهَادَوِيَّةُ بَيْنَ الْفَوَائِدِ الْفَرْعِيَّةِ وَالْأَصْلِيَّةِ فَقَالُوا: يَسْتَحِقُّ الْمُشْتَرِي الْفَرْعِيَّةَ كَالْكِرَاءِ دُونَ الْأَصْلِيَّةِ كَالْوَلَدِ وَالثَّمَرِ، وَهَذَا الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ مَعَ انْفِصَالِ الْفَوَائِدِ عَنْ الْمَبِيعِ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ مُتَّصِلَةً وَقْتَ الرَّدِّ وَجَبَ رَدُّهَا بِالْإِجْمَاعِ

قِيلَ: إنَّ هَذَا الْحُكْمَ مُخْتَصٌّ بِمَنْ لَهُ مِلْكٌ فِي الْعَيْنِ الَّتِي انْتَفَعَ بِخَرَاجِهَا كَالْمُشْتَرِي الَّذِي هُوَ سَبَبُ وُرُودِ الْحَدِيثِ، وَإِلَى ذَلِكَ مَالَ الْجُمْهُورُ وَقَالَتْ الْحَنَفِيَّةُ: إنَّ الْغَاصِبَ كَالْمُشْتَرِي قِيَاسًا، وَلَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا الْقِيَاسِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ فَارِقٌ يَمْنَعُ الْإِلْحَاقَ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْغَاصِبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>