للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ الطَّائِفِ يَجْعَلُ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ وَيَخْرُجُ فِي طَوَافِهِ عَنْ الْحَجَرِ.

١٩٦٥ - (عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ أَتَى الْحَجَرَ فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ مَشَى عَلَى يَمِينِهِ ثَلَاثًا فَرَمَلَ وَمَشَى أَرْبَعًا» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ) .

١٩٦٦ - (وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «سَأَلْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْحَجَرِ أَمِنَ الْبَيْتِ هُوَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: فَمَا لَهُمْ لَمْ يُدْخِلُوهُ فِي الْبَيْتِ؟ قَالَ: إنَّ قَوْمَكِ قَصَّرَتْ بِهِمْ النَّفَقَةُ، قَالَتْ: فَمَا شَأْنُ بَابِهِ مُرْتَفِعًا؟ قَالَ: فَعَلَ ذَلِكَ قَوْمُكِ لِيُدْخِلُوا مَنْ شَاءُوا وَيَمْنَعُوا مَنْ شَاءُوا، وَلَوْلَا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُ عَهْدٍ بِالْجَاهِلِيَّةِ فَأَخَافُ أَنْ تُنْكِرَ قُلُوبُهُمْ أَنْ أُدْخِلَ الْحَجَرَ فِي الْبَيْتِ، وَأَنْ أُلْصِقَ بَابَهُ بِالْأَرْضِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: «كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَدْخُلَ الْبَيْتَ أُصَلِّيَ فِيهِ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِي فَأَدْخَلَنِي الْحِجْرَ فَقَالَ لِي: صَلِّي فِي الْحِجْرِ إذَا أَرَدْتَ دُخُولَ الْبَيْتِ فَإِنَّمَا هُوَ قِطْعَةٌ مِنْ الْبَيْتِ وَلَكِنَّ قَوْمَكِ اسْتَقْصَرُوا حِينَ بَنَوْا الْكَعْبَةَ فَأَخْرَجُوهُ مِنْ الْبَيْتِ» . رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ) .

ــ

[نيل الأوطار]

[بَابُ الطَّائِفِ يَجْعَلُ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ وَيَخْرُجُ فِي طَوَافِهِ عَنْ الْحَجَرِ]

وَفِيهِ إثْبَاتُ التَّنَفُّلِ فِي الْكَعْبَةِ قَوْلُهُ: (أَتَى الْحَجَرَ فَاسْتَلَمَهُ) . . . إلَخْ، فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءُ الطَّوَافِ مِنْ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ بَعْدَ اسْتِلَامِهِ وَحَكَى فِي الْبَحْرِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْإِمَامِ يَحْيَى أَنَّ ابْتِدَاءَ الطَّوَافِ مِنْ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فَرْضٌ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ مَشَى عَلَى يَمِينِهِ) اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ مَشْيِ الطَّائِفِ بَعْدَ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ عَلَى يَمِينِهِ جَاعِلًا الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ وَقَدْ ذَهَبَ إلَى أَنَّ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الطَّوَافِ الْأَكْثَرُ قَالُوا: فَلَوْ عَكَسَ لَمْ يُجْزِهِ قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَا خِلَافَ إلَّا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُد الْأَصْفَهَانِيِّ وَأُنْكِرَ عَلَيْهِ وَهَمُّوا بِقَتْلِهِ انْتَهَى، وَلَا يَخْفَاكَ أَنَّ الْحُكْمَ عَلَى بَعْضِ أَفْعَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَجِّ بِالْوُجُوبِ؛ لِأَنَّهَا بَيَانٌ لِمُجْمَلٍ وَاجِبٍ وَعَلَى بَعْضِهَا بِعَدَمِهِ تَحَكُّمٌ مَحْضٌ لِفَقْدِ دَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَهَا قَوْلُهُ: (أَمِنَ الْبَيْتِ هُوَ؟ قَالَ: نَعَمْ) هَذَا ظَاهِرٌ بِأَنَّ الْحَجَرَ كُلَّهُ مِنْ الْبَيْتِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ: فَإِنَّمَا هُوَ قِطْعَةٌ مِنْ الْبَيْتِ وَبِذَلِكَ كَانَ يُفْتِي ابْنُ عَبَّاسٍ.

فَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَوْ وُلِّيتُ مِنْ الْبَيْتِ مَا وُلِّيَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لَأَدْخَلْتُ الْحِجْرَ كُلَّهُ فِي الْبَيْتِ وَلَكِنَّ مَا وَرَدَ مِنْ الرِّوَايَاتِ الْقَاضِيَةِ بِأَنَّهُ كُلَّهُ مِنْ الْبَيْتِ مُقَيَّدٌ بِرِوَايَاتٍ صَحِيحَةٍ مِنْهَا عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ بِلَفْظِ حَتَّى أَزِيدَ فِيهِ مِنْ الْحِجْرِ وَلَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهَا مَرْفُوعًا

<<  <  ج: ص:  >  >>