للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ الطَّهَارَةِ وَالسُّتْرَةِ لِلطَّوَافِ

١٩٦٧ - (فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ» ) .

ــ

[نيل الأوطار]

بِلَفْظِ: فَإِنْ بَدَا لِقَوْمِكِ أَنْ يَبْنُوهُ بَعْدِي فَهَلُمِّي لِأُرِيَكِ مَا تَرَكُوا مِنْهُ فَأَرَاهَا قَرِيبًا مِنْ سَبْعَةِ أَذْرُعٍ وَلَهُ أَيْضًا عَنْهَا مَرْفُوعًا بِلَفْظِ: وَزِدْتُ فِيهَا مِنْ الْحِجْرِ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ عَنْ عُرْوَةَ: أَنَّ ذَلِكَ مِقْدَارُ سِتَّةِ أَذْرُعٍ وَلِسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ فِي جَامِعِهِ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ زَادَ سِتَّةَ أَذْرُعٍ وَلَهُ أَيْضًا عَنْهُ أَنَّهُ زَادَ سِتَّةَ أَذْرُعٍ وَشِبْرًا، وَهَذَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ فِي عَدَدِ مَنْ لَقِيَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ قُرَيْشٍ كَمَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ عَنْهُ، وَقَدْ اجْتَمَعَ مِنْ الرِّوَايَاتِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الزِّيَادَةَ فَوْقَ سِتَّةِ أَذْرُعٍ وَدُونَ سَبْعَةٍ.

مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَطَاءَ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ: لَكُنْتُ أُدْخِلُ فِيهَا مِنْ الْحِجْرِ خَمْسَةَ أَذْرُعٍ فَقَالَ فِي الْفَتْحِ: هِيَ شَاذَّةٌ وَالرِّوَايَاتُ السَّابِقَةُ أَرْجَحُ لِمَا فِيهَا مِنْ الزِّيَادَاتِ عَنْ الثِّقَاتِ الْحُفَّاظِ.

قَالَ الْحَافِظُ: ثُمَّ ظَهَرَ لِي لِرِوَايَةِ عَطَاءَ وَجْهٌ وَهُوَ أَنَّهُ أُرِيدَ بِهَا مَا عَدَا الْفُرْجَةَ الَّتِي بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْحَجَرِ فَتَجْتَمِعُ مَعَ الرِّوَايَاتِ الْأُخْرَى، فَإِنَّ الَّذِي عَدَا الْفُرْجَةِ أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ وَشَيْءٌ وَلِهَذَا وَقَعَ عِنْدَ الْفَاكِهِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَمْرِو بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْحَمْرَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِعَائِشَةَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ: وَلَأَدْخَلْتُ فِيهَا مِنْ الْحِجْرِ أَرْبَعَةَ أَذْرُعٍ فَيُحْمَلُ هَذَا عَلَى إلْغَاءِ الْكَسْرِ وَرِوَايَةُ عَطَاءَ عَلَى جَبْرِهِ وَتَحْصِيلُ الْجَمْعِ بَيْنَ الرِّوَايَات كُلِّهَا بِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (إنَّ قَوْمَكِ) أَيْ: قُرَيْشًا قَوْلُهُ: (قَصَّرَتْ بِهِمْ النَّفَقَةُ) بِتَشْدِيدِ الصَّادِ أَيْ: النَّفَقَةُ الطَّيِّبَةُ الَّتِي أَخْرَجُوهَا لِذَلِكَ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْأَزْرَقِيُّ وَغَيْرُهُ، وَتَوْضِيحُهُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي السِّيرَةِ عَنْ أَبِي وَهْبٍ الْمَخْزُومِيِّ أَنَّهُ قَالَ لِقُرَيْشٍ: لَا تُدْخِلُوا فِيهِ مِنْ كَسْبِكُمْ إلَّا طَيِّبًا وَلَا تُدْخِلُوا فِيهِ مَهْرَ بَغِيٍّ وَلَا بَيْعَ رِبًا وَلَا مَظْلَمَةٌ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ.

قَوْلُهُ: (لِيُدْخِلُوا مَنْ شَاءُوا) زَادَ مُسْلِمٌ فَكَانَ الرَّجُلُ إذَا أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَهَا يَدْعُونَهُ لِيَرْتَقِيَ حَتَّى إذَا كَادَ أَنْ يَدْخُلَ دَفَعُوهُ فَسَقَطَ قَوْلُهُ: (حَدِيثُ عَهْدٍ) فِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ بِتَنْوِينِ حَدِيثٍ قَوْلُهُ: (بِالْجَاهِلِيَّةِ) فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ بِجَاهِلِيَّةٍ وَفِي أُخْرَى لَهُ بِكُفْرٍ. وَلِأَبِي عَوَانَةَ بِشِرْكٍ قَوْلُهُ: (فَأَخَافُ أَنْ تُنْكِرَ قُلُوبُهُمْ) فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ تَنْفِرَ وَنَقَلَ ابْنُ بَطَّالٍ عَنْ بَعْضِ عُلَمَائِهِمْ أَنَّ النَّفْرَةَ الَّتِي خَشِيَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَنْسُبُوهُ إلَى الْفَخْرِ دُونَهُمْ وَجَوَابُ لَوْلَا مَحْذُوفٌ وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ بِلَفْظِ: فَأَخَافُ أَنْ تُنْكِرَ قُلُوبُهُمْ لَنَظَرْتُ أَنْ أُدْخِلَ الْحِجْرَ وَرَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ بِلَفْظِ: لَنَظَرْتُ فَأُدْخِلْتُ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْعَالِمِ تَرْكُ التَّعْرِيفِ بِبَعْضِ أُمُورِ الشَّرِيعَةِ إذَا خَشِيَ نُفْرَةَ قُلُوبِ الْعَامَّةِ عَنْ ذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>