وَعَنْ أُمِّ الْحُصَيْنِ الْأَحْمَسِيَّةِ أَنَّهَا سَمِعْتَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنْ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ مَا أَقَامَ فِيكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ وَأَبَا دَاوُد) .
٣٨٩٤ - (وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنْ اُسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ، وَهَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ وِلَايَةِ الْحُكْمِ أَوْ عَلَى مَنْ كَانَ عَبْدًا) .
ــ
[نيل الأوطار]
[بَاب الْمَنْعِ مِنْ وِلَايَةِ الْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ وَمَنْ لَا يُحْسِنُ الْقَضَاءَ أَوْ يَضْعُفُ عَنْ الْقِيَامِ بِحَقِّهِ]
حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْأَوَّلُ قَدْ أَخْرَجَهُ مَا يَشْهَدُ لَهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ قَيْسٍ الْغِفَارِيِّ مَرْفُوعًا.
وَفِيهِ التَّحْذِيرُ مِنْ إمَارَةِ السُّفَهَاءِ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَمِثْلُهُ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ مَرْفُوعًا، وَفِي إسْنَادِهِ النَّهَّاسُ بْنُ قَهْمٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
وَحَدِيثُ بُرَيْدَةَ أَخْرَجَهُ أَيْضًا التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ. قَالَ الْحَاكِمُ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ: تَفَرَّدَ بِهِ الْخُرَاسَانِيُّونَ وَرُوَاتُهُ مَرَاوِزَةٌ قَالَ الْحَافِظُ: لَهُ طُرُقٌ غَيْرُ هَذِهِ جَمَعْتُهَا فِي جُزْءٍ مُفْرَدٍ. وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الثَّانِي سَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُد وَالْمُنْذِرِيُّ، وَرِجَالُ إسْنَادِهِ أَئِمَّةٌ أَكْثَرُهُمْ مِنْ رِجَالِ الصَّحِيحِ. وَزَادَ أَبُو دَاوُد «وَمَنْ أَشَارَ عَلَى أَخِيهِ بِأَمْرٍ يَعْلَمُ أَنَّ الرُّشْدَ فِي غَيْرِهِ فَقَدْ خَانَهُ» وَحَدِيثُ أَنَسٍ لَفْظُ الْبُخَارِيِّ «أَطِيعُوا السُّلْطَانَ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا كَالزَّبِيبَةِ» قَوْلُهُ: (لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ. . . إلَخْ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَاتِ وَلَا يَحِلُّ لِقَوْمٍ تَوْلِيَتُهَا لِأَنَّ تَجَنُّبَ الْأَمْرِ الْمُوجِبِ لِعَدَمِ الْفَلَاحِ وَاجِبٌ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى اشْتِرَاطِ الذُّكُورَةِ فِي الْقَاضِي إلَّا عَنْ الْحَنَفِيَّةِ، وَاسْتَثْنَوْا الْحُدُودَ، وَأَطْلَقَ ابْنُ جَرِيرٍ وَيُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ أَنَّ الْقَضَاءَ يَحْتَاجُ إلَى الرَّأْيِ، وَرَأْيُ الْمَرْأَةِ نَاقِصٌ وَلَا كَمَالَ سِيَّمَا فِي مَحَافِلِ الرِّجَالِ
وَاسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا عَلَى ذَلِكَ بِحَدِيثِ بُرَيْدَةَ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ لِقَوْلِهِ فِيهِ: " رَجُلٌ وَرَجُلٌ " فَدَلَّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى خُرُوجِ الْمَرْأَةِ قَوْلُهُ: (وَإِمَارَةِ الصِّبْيَانِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الصَّبِيُّ قَاضِيًا، قَالَ فِي الْبَحْرِ: إجْمَاعًا
وَأَمَرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالتَّعَوُّذِ مِنْ رَأْسِ السَّبْعِينَ لَعَلَّهُ لِمَا ظَهَرَ فِيهَا مِنْ الْفِتَنِ الْعَظِيمَةِ، مِنْهَا قَتْلُ الْحُسَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَوَقْعَةُ الْحَرَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا وَقَعَ فِي عَشْرِ السَّبْعِينَ قَوْلُهُ: (الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ. . . إلَخْ) فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَعْظَمُ وَازِعٍ لِلْجَهَلَةِ عَنْ الدُّخُولِ فِي هَذَا الْمَنْصِبِ الَّذِي يَنْتَهِي بِالْجَاهِلِ وَالْجَائِرِ إلَى النَّارِ. وَبِالْجُمْلَةِ فَمَا صَنَعَ أَحَدٌ بِنَفْسِهِ مَا صَنَعَهُ مَنْ ضَاقَتْ عَلَيْهِ الْمَعَايِشُ فَزَجَّ بِنَفْسِهِ فِي الْقَضَاءِ لِيَنَالَ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute