للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ الْمَوَاضِعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَالْمَأْذُونِ فِيهَا لِلصَّلَاةِ

٦١٠ - (عَنْ جَابِرِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا فَأَيُّمَا رَجُلٍ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " جُعِلَتْ لِي كُلُّ الْأَرْضِ طَيِّبَةً مَسْجِدًا وَطَهُورًا ". رَوَاهُ الْخَطَّابِيِّ بِإِسْنَادِهِ) .

ــ

[نيل الأوطار]

ذَلِكَ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ أَطَالَ الْبَحْثَ وَأَطَابَ إلَّا أَنَّ الْحَدِيثَ الثَّانِي مِنْ حَدِيثَيْ الْبَابِ أَقَلُّ أَحْوَالِهِ الدَّلَالَةُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَحَادِيثِ الَّتِي ذَكَرْنَا. وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إلَى الْمَسْجِدِ فَلْيَنْظُرْ فَإِنْ رَأَى فِي نَعْلَيْهِ قَذَرًا أَوْ أَذًى فَلْيَمْسَحْهُ وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا» .

وَيُمْكِنُ الِاسْتِدْلَال لِعَدَمِ الِاسْتِحْبَابِ بِمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَخَلَعَ نَعْلَيْهِ فَلَا يُؤْذِ بِهِمَا أَحَدًا لِيَجْعَلْهُمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَوْ لِيُصَلِّ فِيهِمَا» وَهُوَ كَمَا قَالَ الْعِرَاقِيُّ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَحَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: «رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي حَافِيًا وَمُنْتَعِلًا» أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ.

وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادِهِ إلَى أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى أَنَّهُ قَالَ: «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي نَعْلَيْهِ فَصَلَّى النَّاسُ فِي نِعَالِهِمْ فَخَلَعَ نَعْلَيْهِ فَخَلَعُوا فَلَمَّا صَلَّى قَالَ: مَنْ شَاءَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي نَعْلَيْهِ فَلْيُصَلِّ وَمَنْ شَاءَ أَنْ يَخْلَعَ فَلْيَخْلَعْ» قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَهَذَا مُرْسَلٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَيُجْمَعُ بَيْنَ أَحَادِيثِ الْبَابِ بِجَعْلِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمَا بَعْدَهُ صَارِفًا لِلْأَوَامِرِ الْمَذْكُورَةِ الْمُعَلِّلَةِ بِالْمُخَالَفَةِ لِأَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ الْوُجُوبِ إلَى النَّدْبِ لِأَنَّ التَّخْيِيرَ وَالتَّفْوِيضَ إلَى الْمَشِيئَةِ بَعْدَ تِلْكَ الْأَوَامِرِ لَا يُنَافِي الِاسْتِحْبَابَ كَمَا فِي حَدِيثِ «بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ لِمَنْ شَاءَ» وَهَذَا أَعْدَلُ الْمَذَاهِبِ وَأَقْوَاهَا عِنْدِي.

[بَابُ الْمَوَاضِعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَالْمَأْذُونِ فِيهَا لِلصَّلَاةِ]

الْحَدِيثُ قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى طُرُقِهِ وَفِقْهِهِ فِي التَّيَمُّمِ فَلَا نُعِيدُهُ وَهُوَ ثَابِتٌ بِزِيَادَةٍ طَيِّبَةً مِنْ رِوَايَةِ أَنَسٍ عِنْدَ ابْنِ السَّرَّاجِ فِي مُسْنَدِهِ قَالَ الْعِرَاقِيُّ: بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ. وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا أَحْمَدُ وَالضِّيَاءُ فِي الْمُخْتَارَةِ، وَأَشَارَ إلَى حَدِيثِ أَنَسٍ أَيْضًا التِّرْمِذِيُّ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ مَا لَفْظُهُ: وَحَدِيثُ جَابِرٍ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ يَزِيدَ الْفَقِيرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أُعْطِيت خَمْسًا فَذَكَرَهَا وَفِيهِ: وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ طَيِّبَةً طَهُورًا وَمَسْجِدًا» الْحَدِيثَ انْتَهَى. فَعَلَى هَذَا يَكُونُ زِيَادَةُ طَيِّبَةً مُخَرَّجَةً فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَلَكِنَّهُ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ الْفَقِيرِ عَنْ جَابِرٍ فِي التَّيَمُّمِ وَالصَّلَاةِ، وَلَيْسَ فِيهِ هَذِهِ الزِّيَادَةُ. وَأَمَّا مُسْلِمٌ فَصَرَّحَ بِهَا فِي صَحِيحِهِ فِي الصَّلَاةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>