٦١١ - (وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: «سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ أَوَّلَ؟ قَالَ: الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ، قُلْت: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى، قُلْت: كَمْ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: أَرْبَعُونَ سَنَةً قُلْت: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: حَيْثُمَا أَدْرَكْت الصَّلَاةَ فَصَلِّ فَكُلُّهَا مَسْجِدٌ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)
٦١٢ - (وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدٌ إلَّا الْمَقْبَرَةَ وَالْحَمَّامَ» . رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا النَّسَائِيّ) .
ــ
[نيل الأوطار]
وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَرْضِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْحَدِيثِ لَيْسَ هِيَ الْأَرْضَ جَمِيعَهَا كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ زِيَادَةُ لَفْظِ كُلِّهَا فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَكَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ وَحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْآتِيَيْنِ بَلْ الْمُرَادُ الْأَرْضُ الطَّاهِرَةُ الْمُبَاحَةُ لِأَنَّ الْمُتَنَجِّسَةَ لَيْسَتْ بِطَيِّبَةٍ لُغَةً وَالْمَغْصُوبَةُ لَيْسَتْ بِطَيِّبَةٍ شَرْعًا، نَعَمْ مَنْ قَالَ: إنَّ التَّأْكِيدَ يَنْفِي الْمَجَازَ، قَالَ الْمُرَادُ بِالْأَرْضِ الْمُؤَكَّدَةِ بِلَفْظِ كُلِّ جَمِيعُهَا وَجَعَلَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ مُعَارِضَةً لِأَصْلِ الْحَدِيثِ لِأَنَّهَا وَقَعَتْ مُنَافِيَةً لَهُ، وَالزِّيَادَةُ إنَّمَا تُقْبَلُ مَعَ عَدَمِ مُنَافَاةِ الْأَصْلِ فَيُصَارُ حِينَئِذٍ إلَى التَّعَارُضِ. وَقَدْ حَكَى بَعْضُهُمْ أَنَّ فِي التَّأْكِيدَ بِكُلِّ خِلَافًا هَلْ يَرْفَعُ الْمَجَازَ أَوْ يُضَعِّفُهُ؟ وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الرَّفْعِ لِمَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ «كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ كَانَ يَصُومُ نِصْفَهُ إلَّا قَلِيلًا» وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ يَرْفَعُ الْمَجَازَ يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ صِحَّةِ وُقُوعِ الِاسْتِثْنَاءِ بَعْدَ الْمُؤَكَّدِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْقَائِلُونَ بِهِ. وَلِلْمَقَامِ بَحْثٌ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ. وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الرَّفْعِ الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي الْمَنْعِ مِنْ الصَّلَاةِ فِي الْمَقْبَرَةِ وَالْحَمَّامِ وَغَيْرِهِمَا وَسَيَأْتِي ذِكْرُهَا.
٦١١ - (وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: «سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ أَوَّلَ؟ قَالَ: الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ، قُلْت: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى، قُلْت: كَمْ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: أَرْبَعُونَ سَنَةً قُلْت: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: حَيْثُمَا أَدْرَكْت الصَّلَاةَ فَصَلِّ فَكُلُّهَا مَسْجِدٌ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
قَوْلُهُ (قَالَ: أَرْبَعُونَ) يَعْنِي فِي الْحُدُوثِ لَا فِي الْمَسَافَةِ.
قَوْلُهُ: (حَيْثُمَا أَدْرَكْت) لَفْظُ مُسْلِمٍ «وَأَيْنَمَا أَدْرَكْت الصَّلَاةَ فَصَلِّهِ فَإِنَّهُ مَسْجِدٌ» وَفِي لَفْظٍ لَهُ " ثُمَّ حَيْثُمَا أَدْرَكَتْك " وَفِي لَفْظٍ لَهُ أَيْضًا " فَحَيْثُمَا أَدْرَكَتْك الصَّلَاةُ فَصَلِّ ". قَالَ النَّوَوِيُّ: وَفِيهِ جَوَازُ الصَّلَاةِ فِي جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ إلَّا مَا اسْتَثْنَاهُ الشَّرْعُ مِنْ الصَّلَاةِ فِي الْمَقَابِرِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي فِيهَا النَّجَاسَةُ كَالْمَزْبَلَةِ وَالْمَجْزَرَةِ وَكَذَا مَا نَهَى عَنْهُ لِمَعْنًى آخَرَ فَمِنْ ذَلِكَ أَعْطَانُ الْإِبِلِ، وَمِنْهُ قَارِعَةُ الطَّرِيقِ وَالْحَمَّامُ وَغَيْرُهُمَا وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ مُسْتَوْفًى.
قَوْلُهُ: (فَكُلُّهَا) هُوَ تَأْكِيدٌ لِمَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ " حَيْثُمَا أَدْرَكْت " وَهُوَ الْأَرْضُ أَوْ أَمْكِنَتُهَا.
٦١٢ - (وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدٌ إلَّا الْمَقْبَرَةَ وَالْحَمَّامَ» . رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا النَّسَائِيّ) . الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَهَذَا حَدِيثٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute