الشَّمْسُ تَغْرُبُ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وَاَللَّهَ مَا صَلَّيْتُهَا فَتَوَضَّأَ وَتَوَضَّأْنَا فَصَلَّى الْعَصْرَ بَعْدَ مَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا الْمَغْرِبَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
٤٨٤ - (وَعَنْ «أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: حُبِسْنَا يَوْمَ الْخَنْدَقِ عَنْ الصَّلَاةِ حَتَّى كَانَ بَعْدَ الْمَغْرِبَ بِهَوِيٍّ مِنْ اللَّيْلِ كُفِينَا، وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} [الأحزاب: ٢٥] قَالَ: فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلَالًا فَأَقَامَ الظُّهْرَ فَصَلَّاهَا فَأَحْسَنَ صَلَاتهَا كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا فِي وَقْتِهَا، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْعَصْرَ فَصَلَّاهَا فَأَحْسَنَ صَلَاتَهَا كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا فِي وَقْتِهَا، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْمَغْرِبَ فَصَلَّاهَا كَذَلِكَ» قَالَ: وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: ٢٣٩] رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَغْرِبَ)
ــ
[نيل الأوطار]
[بَابُ التَّرْتِيبِ فِي قَضَاءِ الْفَوَائِتِ]
قَوْلُهُ: (عَنْ جَابِرٍ) قَدْ اتَّفَقَ الْحُفَّاظُ مِنْ الرِّوَايَةِ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رِوَايَةِ جَابِرٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا حَجَّاجَ بْنَ نُصَيْرٍ فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ فَقَالَ فِيهِ: عَنْ جَابِرٍ عَنْ عُمَرَ فَجَعَلَهُ فِي مُسْنَدِ عُمَرَ. قَالَ الْحَافِظُ: تَفَرَّدَ بِذَلِكَ حَجَّاجٌ وَهُوَ ضَعِيفٌ. قَوْلُهُ: (يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ) ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا السَّبَبَ فِي تَأْخِيرِهِمْ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا. قَوْلُهُ: (مَا كِدْتُ) لَفْظَةُ كَادَ مِنْ أَفْعَالِ الْمُقَارَبَةِ، فَإِذَا قُلْت: كَادَ زَيْدٌ يَقُومُ، فُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ قَارَبَ الْقِيَامَ وَلَمْ يَقُمْ كَمَا تَقَرَّرَ فِي النَّحْوِ، وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ قَضَاءِ الصَّلَاةِ الْمَتْرُوكَةِ لِعُذْرِ الِاشْتِغَالِ بِالْقِتَالِ، وَقَدْ وَقَعَ الْخِلَافُ فِي سَبَبِ تَرْكِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ لِهَذِهِ الصَّلَاةَ، فَقِيلَ: تَرَكُوهَا نِسْيَانًا وَقِيلَ: شُغِلُوا فَلَمْ يَتَمَكَّنُوا وَهُوَ الْأَقْرَبُ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ وَفِي سُنَنِ النَّسَائِيّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُنْزِلَ اللَّهُ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ {فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: ٢٣٩] وَسَيَأْتِي الْحَدِيثُ.
وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى وُجُوبِ التَّرْتِيبِ بَيْنَ الْفَوَائِتِ الْمَقْضِيَّةِ وَالْمُؤَدَّاةِ فَأَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَالزُّهْرِيُّ وَالنَّخَعِيِّ وَرَبِيعَةُ قَالُوا: بِوُجُوبِ تَقْدِيمِ الْفَائِتَةِ خِلَافٌ بَيْنَهُمْ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْهَادِي الْقَاسِمُ: لَا يَجِبُ وَلَا يَنْتَهِضُ اسْتِدْلَالُ الْمُوجِبِينَ بِالْحَدِيثِ لِلْمَطْلُوبِ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ بِمُجَرَّدِهِ لَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ. قَالَ الْحَافِظُ: إلَّا أَنْ يُسْتَدَلَّ بِعُمُومِ قَوْلِهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» فَيَقْوَى، قَالَ: وَقَدْ اعْتَبَرَ ذَلِكَ الشَّافِعِيَّةُ فِي أَشْيَاءَ غَيْرِ هَذِهِ انْتَهَى.
وَقَدْ اسْتَدَلَّ لِلْمُوجِبِينَ أَيْضًا بِأَنَّ تَوْقِيتَ الْمَقْضِيَّةِ بِوَقْتِ الذِّكْرِ أَضْيَقُ مِنْ تَوْقِيتِ الْمُؤَدَّاةِ فَيَجِبُ تَقْدِيمُ مَا تَضْيِقٌ. وَالْخِلَافُ فِي جَوَازِ التَّرَاخِي إنَّمَا هُوَ فِي الْمُطْلَقَاتِ لَا الْمُؤَقَّتَاتِ الْمُضَيَّقَةِ. وَقَدْ اُخْتُلِفَ أَيْضًا فِي التَّرْتِيبِ بَيْنَ الْمَقْضِيَّاتِ أَنْفُسِهَا، وَسَنَذْكُرُهُ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ الْآتِي.
٤٨٤ - (وَعَنْ «أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: حُبِسْنَا يَوْمَ الْخَنْدَقِ عَنْ الصَّلَاةِ حَتَّى كَانَ بَعْدَ الْمَغْرِبَ بِهَوِيٍّ مِنْ اللَّيْلِ كُفِينَا، وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} [الأحزاب: ٢٥] قَالَ: فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلَالًا فَأَقَامَ الظُّهْرَ فَصَلَّاهَا فَأَحْسَنَ صَلَاتهَا كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا فِي وَقْتِهَا، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْعَصْرَ فَصَلَّاهَا فَأَحْسَنَ صَلَاتَهَا كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا فِي وَقْتِهَا، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْمَغْرِبَ فَصَلَّاهَا كَذَلِكَ» قَالَ: وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: ٢٣٩] رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَغْرِبَ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute