بَابُ التَّرْتِيبِ فِي قَضَاءِ الْفَوَائِتِ
٤٨٣ - (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ عُمَرَ جَاءَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ بَعْدَ مَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ فَجَعَلَ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ، وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كِدْتُ أُصَلِّي الْعَصْرَ حَتَّى كَادَتْ
ــ
[نيل الأوطار]
الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مُطَوَّلًا عَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ عَنْ عِمْرَانَ، وَلَيْسَ فِيهِمَا ذِكْرُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَلَا قَوْلُهُ " فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا نُعِيدُهَا إلَى آخِرِهِ ". وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ وَفِيهِ ذِكْرُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ دُونَ قَوْلِهِ: " فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إلَى آخِرِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ " وَلَكِنَّهُ أَخْرَجَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ الَّتِي فِي حَدِيثِ الْبَابِ النَّسَائِيّ، وَذَكَرَهَا الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَاحْتَجَّ بِهَا، وَيُعَارِضُهَا مَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ بِلَفْظِ: «فَإِذَا كَانَ الْغَدُ فَلْيُصَلِّهَا عِنْدَ وَقْتِهَا» .
وَمَا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ بِلَفْظِ: «مَنْ أَدْرَكَ مِنْكُمْ صَلَاةَ الْغَدَاةِ مِنْ غَدٍ صَالِحًا فَلْيَقْضِ مِثْلَهَا» وَيَشْهَدُ لِصِحَّةِ تِلْكَ الرِّوَايَةِ مَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ بِلَفْظِ: «لَا كَفَّارَةَ لَهَا إلَّا ذَلِكَ» وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهَا إجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ قَضَاءِ تِلْكَ الصَّلَاةِ الَّتِي فَعَلَهَا النَّائِمُ عِنْدَ اسْتِيقَاظِهِ وَالسَّاهِي عِنْدَ ذِكْرِهِ إذَا حَضَرَ وَقْتُهَا، كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْخَطَّابِيِّ وَالْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ
وَالْمُعَارَضَةُ بِرِوَايَةِ مُسْلِمٍ السَّابِقَةِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ فَلْيُصَلِّهَا عِنْدَ وَقْتِهَا أَيْ الصَّلَاةُ الَّتِي تَحْضُرُ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا تَوَهَّمَ أَنَّ وَقْتَهَا قَدْ تَحَوَّلَ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ الَّذِي ذَكَرَهَا فِيهِ، وَلَا يُرِيدُ أَنَّهُ يُعِيدُ الصَّلَاةَ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا، ذَكَرَ مَعْنَى ذَلِكَ النَّوَوِيُّ وَالْحَافِظُ وَغَيْرُهُمَا. وَأَمَّا رِوَايَةُ أَبِي دَاوُد فَقَالَ الْحَافِظ: إنَّهَا خَطَأٌ مِنْ رَاوِيهَا، قَالَ: وَحَكَى ذَلِكَ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ الْبُخَارِيِّ.
وَقَدْ ذَكَرَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ أَنَّهُ رَوَاهَا أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَرَأَيْنَاهَا فِي السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ، وَلَمْ يَتَفَرَّدْ بِهَا عِمْرَانُ حَتَّى يُقَالَ فِي تَضْعِيفِهَا إنَّهَا مِنْ رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْهُ وَقَدْ صَرَّحَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَأَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُمَا أَنَّ الْحَسَنَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ وَلَكِنَّهَا لَا تَنْتَهِضُ لِمُعَارَضَةِ حَدِيثِ الْبَابِ بَعْدَ تَأْيِيدِهِ بِمَا أَسْلَفْنَا لَا سِيَّمَا بَعْدَ تَصْرِيحِ الْحَافِظِ بِأَنَّهَا خَطَأٌ. قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَعْد سِيَاقِهِ لِحَدِيثِ الْبَابِ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْفَائِتَةَ يُسَنُّ لَهَا الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ وَالْجَمَاعَةُ، وَأَنَّ النِّدَاءَيْنِ مَشْرُوعَانِ فِي السَّفَرِ، وَأَنَّ السُّنَنَ الرَّوَاتِبَ تُقْضَى انْتَهَى. قَوْلُهُ: (عَرَّسْنَا) التَّعْرِيسُ: نُزُولُ الْمُسَافِرِ آخِرَ اللَّيْلِ لِلنَّوْمِ وَالِاسْتِرَاحَةِ، هَكَذَا قَالَهُ الْخَلِيلُ. وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: هُوَ النُّزُولُ أَيَّ وَقْتٍ كَانَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ.
قَوْلُهُ: (فَأَذَّنَ ثُمَّ أَقَامَ) سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فِي الْقَضَاءِ فِي بَابِ مَنْ عَلَيْهِ فَائِتَةٌ آخِرَ الْأَذَانِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute