للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥٧٨ - (وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: «كَانَ أَحَبُّ الثِّيَابِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْقُمُصُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ)

ــ

[نيل الأوطار]

يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْهُ، وَقَدْ صَرَّحَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ بِثُبُوتِ شِرَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلسَّرَاوِيلِ. قَالَ فِي الْهَدْيِ: فَصْلٌ وَاشْتَرَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَرَاوِيلَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا اشْتَرَاهَا لِيَلْبَسَهَا، وَقَدْ رُوِيَ فِي غَيْرِ حَدِيثٍ أَنَّهُ لَبِسَ السَّرَاوِيلَ، وَكَانُوا يَلْبَسُونَ السَّرَاوِيلَاتِ بِإِذْنِهِ انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْفَصْلِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا فِي الْهَدْيِ: وَلَبِسَ الْبُرُودَ الْيَمَانِيَّةَ وَالْبُرْدَ الْأَخْضَرَ وَلَبِسَ الْجُبَّةَ وَالْقَبَاءَ وَالْقَمِيصَ وَالسَّرَاوِيلَ انْتَهَى.

قَالَ فِي الْمَوَاهِبِ اللَّدُنِيَّةِ لِلْقَسْطَلَّانِيِّ: وَأَمَّا السَّرَاوِيلُ فَاخْتُلِفَ هَلْ لَبِسَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمْ لَا؟ فَجَزَمَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَلْبَسْهُ وَيُسْتَأْنَسُ لَهُ بِمَا جَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي تَرْجَمَةِ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ كِتَابِ تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ، أَنَّهُ لَمْ يَلْبَسْ السَّرَاوِيلَ فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إسْلَامٍ إلَى يَوْمِ قَتْلِهِ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا أَحْرَصَ شَيْءٍ عَلَى اتِّبَاعِهِ، لَكِنْ قَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثِ أَبِي يَعْلَى الْمَوْصِلِيِّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ جِدًّا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «دَخَلْت السُّوقَ يَوْمًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَلَسَ إلَى الْبَزَّازِ فَاشْتَرَى مِنْهُ سَرَاوِيلَ بِأَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ وَكَانَ لِأَهْلِ السُّوقِ وَزَّانٌ يَزِنُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَزِنُ رَاجِحًا؟ فَقَالَ الْوَزَّانُ: إنَّ هَذِهِ كَلِمَةٌ مَا سَمِعْتُهَا مِنْ أَحَدٍ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقُلْت لَهُ كَفَى بِك مِنْ الْجَفَاءِ فِي دِينِك أَنْ لَا تَعْرِفَ نَبِيَّك؟ فَطَرَحَ الْمِيزَانَ وَوَثَبَ إلَى يَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُرِيدُ أَنْ يُقَبِّلَهَا فَجَذَبَ يَدَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ لَهُ: يَا هَذَا إنَّمَا تَفْعَلُ هَذَا الْأَعَاجِمُ بِمُلُوكِهَا وَلَسْت بِمَلِكٍ إنَّمَا أَنَا رَجُلٌ مِنْكُمْ فَأَخَذَ فَوَزَنَ وَأَرْجَحَ وَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السَّرَاوِيلَ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَذَهَبْت لِأَحْمِلَهُ عَنْهُ فَقَالَ: صَاحِبُ الشَّيْءِ أَحَقُّ بِشَيْئِهِ أَنْ يَحْمِلَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ ضَعِيفًا يَعْجِزُ عَنْهُ فَيُعِينَهُ أَخُوهُ الْمُسْلِمُ. قَالَ: قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنَّك لَتَلْبَسُ السَّرَاوِيلَ قَالَ: أَجَلْ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ وَاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فَإِنِّي أُمِرْت بِالسَّتْرِ فَلَمْ أَجِدْ شَيْئًا أَسْتَرَ مِنْهُ» وَكَذَا أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الضُّعَفَاءِ عَنْ أَبِي يَعْلَى، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الْإِفْرَادِ وَالْعُقَيْلِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ، وَمَدَارُهُ عَلَى يُوسُفَ بْنِ زِيَادٍ الْوَاسِطِيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ، عَنْ شَيْخِهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادٍ بْنِ أَنْعُمَ الْإِفْرِيقِيِّ وَهُوَ أَيْضًا ضَعِيفٌ، لَكِنْ قَدْ صَحَّ شِرَاءُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلسَّرَاوِيلِ، وَأَمَّا اللُّبْسُ فَلَمْ يَأْتِ مِنْ طَرِيقٍ صَحِيحَةٍ، وَلِهَذَا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحِجَازِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الشِّفَاءِ مَا لَفْظُهُ: وَمَا قَالَهُ فِي الْهَدْيِ مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَبِسَ السَّرَاوِيلَ سَبْقُ قَلَمٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ أَوْرَدَ أَبُو سَعِيدٍ النَّيْسَابُورِيُّ ذِكْرَ الْحَدِيثِ فِي السَّرَاوِيلِ وَأَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ الْمُحْرِمِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَرِدْ فِيهِ شَيْءٌ عَلَى شَرْطِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>